بسم الله الرحمـن الرحــيـم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
وبعد :
يعمدُ أحدُهُم إلى ما خوَّلَهُ الله مِن نعمةِ البحثِ والنَّظَرِ والقِراءة؛ فيُحمم وجهَهُ بتَرْكِ العَدلِ وودع النّصَفَة، وينسى شُكرَ ما نحله الله من هذه النّعمة، وذلك والله من أمارات الغبن في العلم وعدم البركة في البحث والتحصيل .
وبين يدي مصورة جمعت من كلام ابن تيمية في أحكام التكفير ونواقض الإسلام، أراد جامعها - ممّن تقرَّحت كفوفه يفركها حنَقاً على ابن تيمية - أراد أن يُلبس ابن تيمية رداءَ الغلو في الديانة، والشذوذ عن الأمّة .
لقد رأيت ناشر هذه المصورة، يعلكُ ذَمَّ ابن تيمية صباحَه ومساه، يبدي القول ويعيد في ذم أتباع ابن تيمية الذين دلسوا على الأمة وسكتوا عن أرائه في القتل والتكفير !
وليس بي في هذه التّوّه دفاع عنه -رحمه الله- فقد نشَرَ اللهُ له مِن جميلِ الذِّكر ولسانِ الصِّدقِ ما لن يضيرَهُ معه عزيف -الأستاذ كاتب المنشور وأمثاله-، لكنَّني أودُّ هنا أن أبيِّن حال هذا الرجل وغيره من خصوم شَّيخ الإسلام ابن تيمية؛ في عدمِ قيامهم بأمانة العلم والقلم.
رأيت كاتب هذا المنشور ينعى على أتباع ابن تيمية كيف يدلِّسون! ويغشّون الأمَّةَ بدفاعهم عن تكفير ابن تيمية وشذوذاته!
ناقلًا من كُتُبِهِ تلك المواضع الَّتي جعل وَكْده إثبات الغلوّ عند ابن تيمية بها، وزعم تفرده وخروجه عن أقوال علماء الأمة!
وسأعرض إلى هذه النُّقول الَّتي نقلها، وشنِّعُ بها على ابن تيمية، وخفض القول فيها ورفعه، وسيتبيَّن للقارِئِ الكريم مكان كاتب المنشور .. مِنَ التَّدليس ونسج الفِرى وإيهامِ القُرَّاء.
• لقد أنكَرَ الكاتب على شيخ الإسلام ابن تيمية مسائِلَ هي محلُّ اتِّفاقٍ عند السَّلف وفقهاء الأمَّة أو هو قول أكثرهم !
لكنه زخرَفَ القولَ فيها وموّهه؛ لِيُوهِمَ قرَّاءَهُ أنَّ هذه المسائل من مفردات ابن تيمية الَّتي شَذَّ بها !
• فإن كان ناشر ذلك الكلام يعلم أنَّ هذه المسائل ممَّا اجتمَعَ عليها أكثر العلماء؛ ولكنه أخرجها مخرج الذَّمِّ لمن تقلَّدها فهذا خلع لزينة الإنصاف ولباسه، وحريٌّ بصاحبه أن يشتغل بالتَّزكية والتَّربية عن تتبُّعِ -ابن تيمية أو غيره من علماء الأمة.
وإنما الحقيق بالذَّمِّ مَن جَهِد طوْله أن يذمَّ مسلِمًا بما ليس فيه، وهذا ذنبٌ على حياله يوجب توبة.
وأمَّا إذا كان الأستاذ - ناشر ذلك الكلام - لا يعلَمُ أنَّ تلك المسائل الَّتي ذَمَّ بها ابن تيمية - لا يعلَمُ - أنَّ كثيرًا منها مسائل وفاقيَّة بين السَّلف؛ فهذه آبدة علميَّة ! تصيح على صاحبها بالجهالة .
فإنّ مَن جَهِلَ هذه المسائل مِن علوم الإسلام فما له وللقلم وأين هو من الكتابة والبحث؟
أفلا يتَّقي الله فيرجع ليتعلَّم قبل أن يتكلَّم؟
•• وسأعرض إلى هذه المسائل التي تداولها من تداولها، وهي تدل على ما وراءها، وتبين حال المبطلين الذين اتخذوا علماء الإسلام وأعلامه غرضا لسهامهم وتهمهم وبغيهم.
• فمِنَ هذه المسائل الَّتي أراد أن يشنِّعَ بها على ابن تيمية:
ناقلًا من كُتُبِهِ تلك المواضع الَّتي جعل وَكْده إثبات الغلوّ عند ابن تيمية بها، وزعم تفرده وخروجه عن أقوال علماء الأمة!
لكنه زخرَفَ القولَ فيها وموّهه؛ لِيُوهِمَ قرَّاءَهُ أنَّ هذه المسائل من مفردات ابن تيمية الَّتي شَذَّ بها !
• فمِنَ هذه المسائل الَّتي أراد أن يشنِّعَ بها على ابن تيمية:
- تكفير ابن تيمية مَن قال بخَلْقِ القرآن !
• ولستُ أدري هل جَهِلَ الأستاذ الكاتب كلام السَّلف في الجهميَّة القائلين بخَلْقِ القرآن ؟ !
أرأيتم حال خصوم ابن تيمية ؟
إن جامع المنشور يزعم تعظيمه لكلام السلف وعلماء الأمة، ويحيص حيصات النكير على من يراهم مخالفين لعلماء الإسلام.
فهل سأحتاج أن أنقل من كلام السَّلف تغليظهم على من قال هذه القالة ؟
ماذا يريد الأستاذ .. حين يمضَغُ لعابَ التَّشنيع على خصومه بأمرٍ هو محلُّ إجماع السَّلف .
لقد نقل اللَّالكائيُّ عن مئين من السَّلف كلهم قد اجتمعَتْ كلمَتُهم على القول بتكفير مَن قال بخلق القرآن .
(شرح أصول الاعتقاد ٢/٢٧٤).
- وضميمة ذلك مسألة التَّكفير بإنكار رؤية الله تعالى يوم القيامة، فجعلها الأستاذ .. مورد نكير على ابن تيمية، وتلك شكاة ظاهر عنه عارها، فهذه القضية من منصوصات أئمَّةِ السَّلف، ودونك كتب الآثار والسُّؤالات والسُّنَّة مشحونة بذكر ذلك.
أفيكفيه ما روى أبو داود في مسائله: " عن أحمد فيمن كذب برؤية الله، فقال: هو كافر " .
( مسائل أبي داود - م ١٧٠٠ )
بل جعل إمامُ الأئمَّةِ ابنُ خزيمة منكِرَها أسوأ حالا في الدّنيا -عند العلماء- مِنَ اليهود والنَّصارى والمجوس !
(التّوحيد لابن خزيمة ٥٨٥/٢)
- وممَّا نقمه النَّاقمون على ابن تيمية -في مسائل التَّكفير- تكفيرُهُ لتارِكِ الصَّلاة !
فانظُر كيف احتملت القوم نبأة الخصومة حتَّى خاصموا في مثل هذه المسألة الَّتي اشتهر تكفير السَّلف بها، بل حكي عليه الإجماع القديم، ولو اقتصر الناقمون فجعلوا المسألة من مواطن الخلاف ثم ذكروا قول مَن خالف مِنَ السَّلف لكان أقلّ في اللَّومة والعذل، وأما أن يذموا من قال بقول أكثر السلف بل هو إجماع عند جمع منهم فتلك عثرة لا تقال .وأمَّا هذه المسألة فقد جعلها التَّابعيُّ الجليل عبد الله بن شقيق إجماع الصَّحابة كما رواه التّرمذي عنه (٢٦٢٢) .وقال أيّوب السّختيانيّ: " ترك الصَّلاة كفر لا يختلف فيه " . (تعظيم قدر الصّلاة ٢/٩٢٥).
وحكى الإجماع عليه إسحاق بن راهويه أيضا، كما نقله عنه محمّد بن نصر في كتابه الجليل تعظيم قدر الصّلاة .(٢ / ٢٢٩)
وحكى الإجماع عليه إسحاق بن راهويه أيضا، كما نقله عنه محمّد بن نصر في كتابه الجليل تعظيم قدر الصّلاة .(٢ / ٢٢٩)
جزاك الله خيراً
ردحذفثبتنا الله وإياك على السنة وسدد خطانا وخطاكم
ردحذف