الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

(الدكتور القرضاوي.. ومعضلة تعظيم الرجال)


     بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد :

فمَن عظَّمَ الكتابَ والسُّنَّة اقشعرَّ قلبُه مِن كُلِّ قولٍ يخالِفُ نصوصَ الوحي، ووجَدَ في قلبِه مِن أصحابها نفرة - لا يستطيع لها دفعاً - يثقل معها لسانه عن مدحهم والثّناء عليهم .

ولقد كان الشّيخ الدّكتور / يوسف القرضاوي؛ ممّن لان على قلبه ردّ صرائح النّصوص بأنواع التّأويلات غير هيّاب، وسهل عليه ليُّها عن مواضعها، حتّى إنَّك إن فحصتَ كثيراً من الأقوال التي تمضمضها المبطلون -اليوم- وجدت أنّ الدّكتور يوسف ممن نَقَب سدّ الشّريعة عنها.

• ولقد كان يكفي أنصاره وأحبابه أن يخرج منها كفافاً، يفرحون أن يلتمس له العذر، ويرجى له العفو، ويراجع ليتوب منها قبل مماته.

ولكن أن يذيعوا له المكارم وينشروا له المناقب ثم يُسكَت عن بواطيل ما كتَبَه ولم يرجع عنه، فتلك جنايةٌ علميَّةٌ توجِبُ توبةً واستغفاراً ورجوعًا إلى الله.

• ولستَ تحتاج إلى كثير بحثٍ وتفتيشٍ لتقبض على شذوذات الدّكتور في الأصول والفروع ومخالفته للنّصوص وإجماع السلف.

• لقد سعى الدّكتور جهدَهُ في كثيرٍ من كُتُبِه وندواته أن يفصمَ عروة البراءة مِن الكافر: فسمَّاهم إخوانًا لنا، حتّى زعَمَ جواز محبَّتهم، وسقوطَ الجزية وجوَّز تهنِئَتَهُم بأعيادهم، وتراه يقرِّرُ على طريقة -صحفية خارجة عن قانون العلم- أحكام الكفّار في الإسلام فيقول الدّكتور: "الإسلام ركّز على النّقاط المشتركة بيننا وبين النصارى"!.
ومِن عظيم الزُّور قول الدّكتور في قول الله تعالى: "لتجدَنَّ أشدَّ النَّاسِ عداوةً للَّذين ءامنوا اليهود..." : (أنَّ هذه خاصَّة بزمَنِ النَّبيِّ ﷺ)!.
ومَدحُهُ لنصارى مصر حتَّى قال: قدَّموا آلاف الشُّهداء.
ولكن ممّا يعرق له الجبين قوله: حين عزّى في كبير نصارى الأقباط بمصر "شنودة" حين قال في تعزيته: "نتمنّى لهم التّوفيق في اختيار بابا جديد !! ".
(طالع -على سبيل المثال- كتبه : فتاوى معاصرة 2/668، و2/671، غير المسلمين في المجتمع 68، برنامج الشريعة والحياة، في يوم 1997 / 12 / 7 ).

• وللدّكتور منهج اعتزاليّ في ردِّ النّصوص لما يراه مخالفًا للعقل بحسب ظنّه، كَرَدِّهِ لحديث:  "يوقف الموت كالكبش" وهو مخرَّجٌ في الصَّحيحين.
وقوله في حديث :" ما رأيت من ناقصات دينٍ وعقلٍ من إحداكُنَّ" قال: كان ذلك مزاحاً من النَّبيِّ ﷺ.
(انظر: كيف نتعامل مع السنة 97 - وهذا الكتاب شَحَنَه الدّكتور بالقواعد الفاسدة في ردِّ النّصوص على خلاف طريقة أهل العلم مِن سَلَف هذه الأمَّة).

• وأمّا موقِفُهُ من الاختلاط وفتح السُّدد بتسويغ مخالطة الرِّجال للنِّساء فهو مِن أشهر ما كان ينادي به منذ أكثر من أربعين عاماً كما ذكر هو في مواطن .
(انظر كتبه: أولويات الحركة الإسلامية 67، ملامح المجتمع المسلم 3 مركز المرأة 130 - 41).

• والدّكتور يوسف مِن أشهر القائلين في عصرنا بإباحة الغناء وكرَّرَ ذلك في كتبه (فتاوى معاصرة، والحلال والحرام)، لكنَّه زاد على الكِيلة فجاهر باستماعه لغناء المغنّيات. (ذكر ذلك في مواضع كمقابلته مع جريدة الراية القطرية ع 5969).

• ومِن أشنَع ما أتى به الشَّيخ يوسف رأيه في حدِّ الرَّجم، حيث جعله من العقوبات التَّعزيريَّة الَّتي قد تُعَطَّلُ بحسب ما يراه وليُّ الأمر.
(حاشيته على فتاوى الزرقا 394).

•  ومن شذوذ الدّكتور الفقهي: رأيه في نفي جهاد الطَّلَب، وجواز ولاية المرأة ولاية عامَّة، ومساواتها بالرَّجُل في الشَّهادة إن كانت من أهل البيع والشِّراء وتعطيل حَدِّ المرتدّ ما لم يحارب المجتمع، وجواز الانتساب للقوّات العسكريّة لبلاد الكفَّار، بل الغازية لبلاد المسلمين، إلى غيرها من المسائل التي تضيّف بها الدكتور مبوأ تحريف الكلم عن مواضعه .

• وأمَّا رأيه في مسائل الصِّفات وموقِفُه من فِرَقِ البِدَع وقوله في الدّيمقراطيّة؛ فلست أذكُرُه هنا لأنَّه قد يوجد في كلامِه مَخْلص من التَّأويل يحمل فيه كلامه محامل تزيل بعض المعرَّة عنه .

• هذا بعض ما قرَّره الدّكتور يوسف وأفتى به وأذاعه في عرض أربعين سنة مضت، كان له فيها - مع ذلك - تاريخ من التَّضحية والبلاء والبذل لمبادئه، والصَّدع ضدَّ بعض الطُّغاة بما ربَّما وسع له بسببها العذر عند بعض الفضلاء، فأعرضوا عن ذكر هذه الخبطات، وسكتوا عنها رعاية لأهل الدَّعوة والتَّضحيات .

ولكن صيانَة المنهج والدَّفع عن وجه السُّنَّة والذَّب عن الشَّرع ونفي  غرائب الأقوال والنَّهي عن منكراتِ الأقوال والآراء أحقُّ وأوثَقُ .
هذا مع أنَّه قد خاصمه قومٌ بغوا عليه وتجاوزوا؛ فتعطَّفت له قلوبُ كثيرٍ من الصَّالحين الَّذين يرفضون الظُّلم ويأبون البَغي، ونمط السَّلف الأوسط الرَّدُّ بِعلمٍ وعَدل .

والحمد لله، والصَّلاةُ والسَّلام على رسول الله .


وكتب:

محمد آل رميح

٤ / ١٠ / ١٤٣٧

@mohdromih


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق