الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

حجاب المعاصرة

بسم الله الرحمن الرحيم 
                                حجاب المعاصرة
    ليتني أكتب في حجب المعاصرة لخيرات أهل الفضل وأثرها في غمط النابهين مقامهم ووضعهم دون منازلهم، فأكون كشافاً لسجف الفضيلة منقباً عن أخبارها أبثها وأنشرها .
لكنني اليوم أتحدث عن حجب المعاصرة لوجوه المبطلين، وأثرها في تخفيف إنكار منكرات المبدلين .
وإن من فوائد قراءة التاريخ؛ ما يجد قارئه من نفرةٍ إيمانيةٍ حين يأتي على قراءة أخبار الكاتمين للحق، وما يجده من تعجب إذا قرأ سكوت وجَنَف كثير من الناس عن منكرات أولئك المبدلين مخادنة للبلاط ..
فإذا وجد ذلك قوي قلبه ‏لرد الباطل الذي يراه ويعاصره من عالمٍ عرفه وربما تَلمَذ عليه؛ ولكن حجبت المعاصرة نُكْرتَه من قلبه ..
فإن المعاصرة حجاب للشر كما هي حجاب للخير، فقد تحجب عن القلب إنكارَ باطلِ من عاصره وتستر سوءة فتواه .
ويصبح استبشاعه لسكوت هؤلاء السابقين؛ وقاءً له مِن رَهَب مخالفة الأكثرين المعاصرين !
فقد رأى أن الكثرة لم تعصم أصحابها من الادّهان في دين الله ..
أقول ذلك وأنا أقرأ ‏ما حكاه ابن كثير في البداية والنهاية:(43/12)
"حين أذِن الخليفة -القائم بأمر الله- بتلقيب جلال الدولة البويهي بشاهنشاه وأن يُخطَب بذلك ‏من على المنابر !."
فنفرت العامة من ذلك ورموا الخطباء بالحجارة !
حتى خرجت فتوى كثير من الفقهاء بتجويزه ! ..
فعارضهم الفقيه أبو يعلى وحرمه ومنعه .."
‏هذه النقاط السوداء التي تستبشعها من بعض العلماء؛ قد تقودك لإنكار ما هو مثلها أو أعظم في عصرك، غير هيّاب من قرع سياط المؤنبين .
ولا تزال قضية ‏أقوال العلماء بين - اتباعها وردها - موضعَ عثَرِ كثير ..
ففي الوقت الذي يستبدّ فيه الجاهل برأيه ويخوض مخاضة القول على الله بغير علم ويمد عنقه إذا ‏قيل له راجع أهل العلم واستفهم دلائل الشرع منهم ..
ويزيده تصلباً في ذلك؛ ما يراه من السكوت على أباطيل المبدلين من المنتسبين للعلم وأهله، في هذا الوقت تجد من يرد واضحات النصوص لعمامة شيخ من شيوخه أو متبوع من متبوعيه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق