السبت، 9 مايو 2020

تأمل قرآني في شأن الوباء

بسم الله الرحمن الرحيم
     الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول ﷲ، أما بعد:
فقد قال ﷻ عن يعقوب ﷺ: (وَقَالَ یَـٰبَنِیَّ لَا تَدۡخُلُوا۟ مِنۢ بَابࣲ وَ ٰ⁠حِدࣲ وَٱدۡخُلُوا۟ مِنۡ أَبۡوَ ٰ⁠بࣲ مُّتَفَرِّقَةࣲۖ وَمَاۤ أُغۡنِی عَنكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَیۡءٍۖ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِۖ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَعَلَیۡهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ ۝  وَلَمَّا دَخَلُوا۟ مِنۡ حَیۡثُ أَمَرَهُمۡ أَبُوهُم مَّا كَانَ یُغۡنِی عَنۡهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَیۡءٍ إِلَّا حَاجَةࣰ فِی نَفۡسِ یَعۡقُوبَ قَضَىٰهَاۚ وَإِنَّهُۥ لَذُو عِلۡمࣲ لِّمَا عَلَّمۡنَـٰهُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ).

فأثنى ﷲ على علمه الذي آتاه، واصطفاه من بين كثير من الناس، وذلك -والعلم عند ﷲ- لما كان منه من تحقيق مقام التوكل، بتفويض الأمر لله، مع الأخذ الأسباب.
وقد دلت الآيتان على أمور:
١) رعاية الأسباب، ففي قوله ﷻ: (وَقَالَ یَـٰبَنِیَّ لَا تَدۡخُلُوا۟ مِنۢ بَابࣲ وَ ٰ⁠حِدࣲ وَٱدۡخُلُوا۟ مِنۡ أَبۡوَ ٰ⁠بࣲ مُّتَفَرِّقَةࣲۖ)، فقد أمر بما فيه احتراز من الضرر، فالأخذ بالسبب، والعمل بما فيه احتراز أمر ممدوح محمود، بل هو من العلم الذي مدحه ﷲ كما سيأتي.

٢) تفويض الأمر لله.
وقد جاء ذكر القيام بهذه العبادة على صفة جليلة، جاء فيها:
أ- التبرؤ من الحول، والاعتراف بالافتقار البشري لله، قال ﷻ: (وَمَاۤ أُغۡنِی عَنكُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَیۡءٍ)، فالمؤمن حين أخذه بالأسباب الدنيوية في شأن من شؤونه كما في أسباب الاحتراز من العدوى بالوباء؛ يجب أن يكون مقرًا بضعفه، معترفًا بفقره لله، ولقد ترى بعض من لم يهتدِ بالوحي من الشرقيين والغربيين، يقولون غير هيّابين: سنهزم هذا الوباء، سنهزم هذا العدو، وهذا من جهل العبد بالله واغتراره بما أوتي.

ب- : إعلان بالتوحيد، وإقرار بحكم ﷲ القدري، قال ﷻ: (إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ)، فالمؤمن الذي ابتلي ببلاء من هذا الوباء يجب أن يستحضر قدر ﷲ وقدرته، وأن هذا المرض كان بقدره وعلمه وحكمته.

ج- الشهادة بعبادة التوكل، والعزم عليها، كما في قوله ﷻ: (عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ).

د- تذكير بالطريق المعمور بالصالحين، وتأنيس للنفس بما كانوا عليه، كما في قوله: (وَعَلَیۡهِ فَلۡیَتَوَكَّلِ ٱلۡمُتَوَكِّلُونَ)، وهو بخلاف طريقة الضالين، ممن لم يهتد بهدي الشريعة.

• ثم ختم سياق الآيتين بقوله ﷻ: (وَإِنَّهُۥ لَذُو عِلۡمࣲ لِّمَا عَلَّمۡنَـٰهُ)، فالعلم الحقيق بالثناء هو الذي يجمع بين التوكل على ﷲ والأخذ بالسبب.

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
يوم السبت، ١٦/ ٩/ ١٤٤١ 

هناك 3 تعليقات:

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. الله يحفظكم شيخنا ويبارك فيكم
    وينفعنا بكم

    ردحذف
  3. الله يحفظكم ويجزيكم خير

    ردحذف