الأحد، 27 يونيو 2021

مواعظ الحج: المداومة على الطاعة.

     الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

     فمن المواعظ التي يغذوها الحج بنصوصه وأحكامه، ما جاء ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ: «ﻧﺰﻟﻨﺎ اﻟﻤﺰﺩﻟﻔﺔ ﻓﺎﺳﺘﺄﺫﻧﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﺳﻮﺩﺓ، ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻊ ﻗﺒﻞ ﺣﻄﻤﺔ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻛﺎﻧﺖ اﻣﺮﺃﺓ ﺑﻄﻴﺌﺔ، ﻓﺄﺫﻥ ﻟﻬﺎ، ﻓﺪﻓﻌﺖ ﻗﺒﻞ ﺣﻄﻤﺔ اﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺃﻗﻤﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﺤﻦ، ﺛﻢ ﺩﻓﻌﻨﺎ ﺑﺪﻓﻌﻪ، ﻓﻸﻥ ﺃﻛﻮﻥ اﺳﺘﺄﺫﻧﺖ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻛﻤﺎ اﺳﺘﺄﺫﻧﺖ ﺳﻮﺩﺓ، ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﻭﺡ ﺑﻪ».

فقد أذن النبي ﷺ لبعض الضعفة أن يدفعوا ليلة مزدلفة قبل زحام الناس، وبقي معه بعضهم، فأما عائشة فبقيت ولم تنفر، فندمت عائشة على ذلك وقالت هذا، وكأنها قالت ذلك والعلم عند الله، لأنّها كرهت أن تغيّر شيئًا عهدت عليه النبي ﷺ أو تترك شيئًا مما فعلته مع النبي ﷺ.

 وهذا الأدب كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، كانوا يكرهون أن يتركوا شيئا مما عهدوا عليه النبي ﷺ وفارقهم ثهم يعملونه، ولهذا لما رأى النبي ﷺ عبد الله بن عمرو بن العاص يواصل الصيام والقراءة، قال له: «ﻳﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﺑﻠﻐﻨﻲ ﺃﻧﻚ ﺗﺼﻮﻡ اﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺗﻘﻮﻡ اﻟﻠﻴﻞ، ﻓﻼ ﺗﻔﻌﻞ، ﻓﺈﻥ ﻟﺠﺴﺪﻙ ﻋﻠﻴﻚ ﺣﻈﺎ، ﻭﻟﻌﻴﻨﻚ ﻋﻠﻴﻚ ﺣﻈﺎ، ﻭﺇﻥ ﻟﺰﻭﺟﻚ ﻋﻠﻴﻚ ﺣﻈﺎ، ﺻﻢ ﻭﺃﻓﻄﺮ، ﺻﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﺛﻼﺙﺓ ﺃﻳﺎﻡ، ﻓﺬﻟﻚ ﺻﻮﻡ اﻟﺪﻫﺮ» ﻗﻠﺖ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ، ﺇﻥ ﺑﻲ ﻗﻮﺓ، ﻗﺎﻝ: ﻓﺻﻢ ﺻﻮﻡ ﺩاﻭﺩ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼﻡ، ﺻﻢ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﺃﻓﻄﺮ ﻳﻮﻣﺎ " ﻓﻜﺎﻥ عبد الله ﻳﻘﻮﻝ: «ﻳﺎ ﻟﻴﺘﻨﻲ ﺃﺧﺬﺕ ﺑﺎﻟﺮﺧﺼﺔ".

فمن الأدب الإيماني ألا يترك المؤمن الطاعة إذا بدأها، وألا يتراجع عن فعل الخير إذا اعتاده.

وفي البخاري أن ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ اﻟﻌﺎﺹ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: «ﻳﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ، ﻻ ﺗﻜﻦ ﻣﺜﻞ ﻓﻼﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ اﻟﻠﻴﻞ، ﻓﺘﺮﻙ ﻗﻴﺎﻡ اﻟﻠﻴﻞ».

ولذا فينبغي للمؤمن أن يأخذ له من الأوراد والأعمال ما يطيقه ولا يشق عليه، وفي الصحيحين ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ: ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ ﻗﺎﻝ: «ﺳﺪﺩﻭا ﻭﻗﺎﺭﺑﻮا، ﻭاﻋﻠﻤﻮا ﺃﻥ ﻟﻦ ﻳﺪﺧﻞ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻋﻤﻠﻪ اﻟﺠﻨﺔ، ﻭﺃﻥ ﺃﺣﺐ اﻷﻋﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﺃﺩﻭﻣﻪا ﻭﺇﻥ ﻗﻞ».


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق