الأحد، 27 يونيو 2021

مواعظ الحج: حسن الخاتمة.

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فقد ثبت في الصحيحين ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ، ﻗﺎﻝ: ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺭﺟﻞ ﻭاﻗﻒ ﺑﻌﺮﻓﺔ، ﺇﺫ ﻭﻗﻊ ﻋﻦ ﺭاﺣﻠﺘﻪ، ﻓﻮﻗﺼﺘﻪ، ﻗﺎﻝ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ «اﻏﺴﻠﻮﻩ ﺑﻤﺎء ﻭﺳﺪﺭ، ﻭﻛﻔﻨﻮﻩ ﻓﻲ ﺛﻮﺑﻴﻦ، ﻭﻻ ﺗﺤﻨﻄﻮﻩ، ﻭﻻ ﺗﺨﻤﺮﻭا ﺭﺃﺳﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﻌﺚ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻠﺒﻴﺎ».

لقد جرت عادة الفقهاء أن يذكروا هذا الحديث في باب الاستدلال على منع المحرم من الطيب ولبس المخيط وتغطية الرأس.

واستدل كثير من الفقهاء به على أن الإحرام لا ينقطع بالموت.

لكننا في هذه الموعظة نريد أن نقف مع هذا الحديث وقفة موعظة.

لقد مات هذا الصحابي، صحابي لا يعرف اسمع، رجل من عرض المؤمنين، ولا يعرف يعرف اسمه في شيء من الأحاديث، لكنه معروف في السماء!

لقد وقصته ناقته: والوقص ﻛﺴﺮ اﻟﻌﻨﻖ، فمات وهو محرم، فقال عنه النبي ﷺ هذه المقالة: (يبعث يوم القيامة ملبيا!)، ﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﻫﻴﺌﺘﻪ اﻟﺘﻲ ﻣﺎﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ

وهذا المعنى دلت عليه الأدلة:

ففي صحيح مسلم عن ﺟﺎﺑﺮ، ﻗﺎﻝ: ﺳﻤﻌﺖ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻳﻘﻮﻝ: «ﻳﺒﻌﺚ ﻛﻞ ﻋﺒﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣﺎﺕ ﻋﻠﻴﻪ».

وفي مسلم ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ، ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ، ﻗﺎﻝ: «ﻻ ﻳﻜﻠﻢ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ، ﻭاﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﻤﻦ ﻳﻜﻠﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ، ﺇﻻ ﺟﺎء ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﺟﺮﺣﻪ ﻳﺜﻌﺐ، اﻟﻠﻮﻥ ﻟﻮﻥ ﺩﻡ، ﻭاﻟﺮﻳﺢ ﺭﻳﺢ ﻣﺴﻚ».

فهذه موعظة عظيمة، من مات على أمر بعث عليه يوم القيامة.

     فمن أراد أن يختم له بالصالحات، فليكثر من العمل الصالح، والذكر والقرآن والصلاة ونفع الخلق، حتى إذا واتاه الموت أتاه وهو على طاعة، وهذا من توفيق الله للعبد أن يوفقه في آخر عمره للعمل الصالح ويقبض عليه، ففي المسند عن أبي ﻋﻨﺒﺔ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: «ﺇﺫا ﺃﺭاﺩ اﻟﻠﻪ ﺑﻌﺒﺪ ﺧﻴﺮا، ﻋﺴﻠﻪ»، ﻗﻴﻞ: ﻭﻣﺎ ﻋﺴﻠﻪ؟ ﻗﺎﻝ: «ﻳﻔﺘﺢ اﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻋﻤﻼ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻪ، ﺛﻢ ﻳﻘﺒﻀﻪ ﻋﻠﻴﻪ».

ﻳﻘﺎﻝ: ﻋﺴّﻞ اﻟﻄﻌﺎﻡ يعسله: ﺇﺫا ﺟﻌﻞ ﻓﻴﻪ اﻟﻌﺴﻞ، فشبه ﻣﺎ ﺭﺯﻗﻪ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﺬﻱ ﻃﺎﺏ ﺑﻪ ﺫﻛﺮﻩ ﺑﻴﻦ ﻗﻮﻣﻪ ﺑﺎﻟﻌﺴﻞ اﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﻓﻲ اﻟﻄﻌﺎﻡ ﻓﻴﺤﻠﻮ ﺑﻪ ﻭﻳﻄﻴﺐ.

ويقابل ذلك أهل الشقاء، ممن أدمنوا المعاصي فلعله أن يأتيه الموت وهو على المعصية ففي صحيح مسلم ﻗﺎﻝ: «اﻟﻨﺎﺋﺤﺔ ﺇﺫا ﻟﻢ ﺗﺘﺐ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻬﺎ، ﺗﻘﺎﻡ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﺮﺑﺎﻝ ﻣﻦ ﻗﻄﺮاﻥ، ﻭﺩﺭﻉ ﻣﻦ ﺟﺮﺏ».


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق