الجمعة، 10 يناير 2020

الاستدلال بقول الله: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) على إباحة الفتيا لكل أحد

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
مما يكثُر ترداده على ألسنة بعضهم في إفساح الطريق لنفسه ليتكلم في دين الله بما شاء وأراد؛ الاستدلال بقوله تعالى: "ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر"، وتراهم يستدلون بهذه الآية على:
- أن الفتيا في الشريعة مباحة لكل أحد، لا تحتاج لدراسة وتعلم وضبط ومهَرَة.
- وأن (كلّ) آيات القرآن يفهمها (كل) أحد على حال واحد.
- وأنه لا يحقُّ لأحد أن يحجز أحدًا عن الكلام في الفتيا، ولا أن يحجر على من يتكلم في القرآن ويفهمه بفهمه وينزّله على أي تنزيل شاء.
  ولا شك أنه ﷻ قد ‏أنزل كتابه وخاطب ﷺ أمته بكافة التكاليف والشرائع، ولكن أخبر الله ﷻ بتفاوت المكلفين في الأخذ بالوحي فقال: "يرفعِ الله الذين ءامنوا منكم 
والذين أوتوا العلم درجات ".
وذلك أن ‏الأدلة والدلالات على رتبتين:
‏- فما كان من أصول التوحيد وقواعد الديانة مما تعظم حاجة الناس له فتجده تتكاثر أدلته وتتضح بحسبه.
‏- وما ليس كذلك مما يختص ببعض المكلفين ولا يعم الخطاب به جميعهم فاتضاح مسائله ودلائله دون ذلك.
‏ثم إن معرفة الحكم الشرعي واقع على منازل:
‏- وجود النص
‏- ثم ثبوت النص
‏- ثم العلم بإحكامه ونسخه
‏- ثم النظر في وجوه معانيه من النصوص الأخرى
‏- ثم الرجوع لمعانيه في لسان العرب
‏-ثم استعمال قواعد الاستدلال وطرق الجمع ووجوه الترجيح .
     فإن قيل: ‏أليس في هذه الرتب الاستدلالية التي ذكرتَها آنفا معارضة ليسر الشريعة وتوسعتها وما يدل عليه قول الله : " ولقد يسّرنا القرآن للذكر"، ‏فما هو الجواب؟
و‏قبل الجواب عن ذلك أود أن أقول بين يدي هذا الأمر قولا:
وذلك أني رأيت ‏عامة من يستشكل هذا الأمر؛ هو ممن لم يطلب العلم ولم يعان مسائله ولم يطلع على قواعد الاستدلال ومسالك التعليل.
ولقد ‏كنتُ أُورد -على من يناقش في هذا- بعض الأدلة وأتناقش معه في دلالتها على الأحكام الشرعية، فإذا نبهته إلى مسالك الاستدلال لمعت عينه وعرف خلل الاستدلال بغير أصول وآلة.
وأما ما ذكر من ‏يسر الشريعة فلابد أن نعلم أن له جانبين، عملي وعلمي:
‏فاليسر العملي كرفع الحرج ودفع المشقة، وصور ذلك في العبادات لا تحصى، والرخص لأهل الأعذار من أوضح أمثلته.
‏وأما اليسر العلمي في هذه الشريعة له وجوه:
‏- فهناك من دلالات الكتاب والسنة ما لا تخفى على من قرأها، بل كل قارئ لها فلابد أن يجد من نورها بحسبه.
‏- ومن وجوه اليسر العلمي لنصوص الوحي ما ذكره الله 
في هذه الآية :"ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر"
‏قال قتادة رحمه الله: "ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﻃﺎﻟﺐ ﺧﻴﺮ ﻳﻌﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ"، ‏فقوله ﷻ: "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر"، ‏ليس فيه أن يتقحم كل أحد القول في كتاب ﷲ بلا علم، إنما المراد أن من بذل للتذكر أعانه الله.
‏وأنتَ إذا تأملت سائر أنواع العبادات وجدت أن الناس متفاوتون في تحصيل علمها بحسب كل مسألة، وسأضرب أمثلة في تناويع العبادات تبين شيئا من هذا:
ف‏كل مسلم يعلم فرض الصلاة، ثم إذا سألت آحاد المسلمين عن أحكام سجود السهو وجدت تفاوتا في معرفتها ثم إذا سألت في أحكام الكسوف زاد التفاوت وهلمّ فكل مسلم يعلم فرض الصيام عليه، وإذا سألت عن صحة صيام من أغمي عليه كل يومه وجدت تفاوتا في علم ذلك، ثم إذا سألت عن حكم فطر المرضع فكذلك وهلمّ.
‏     وإذا انتقلت لمعرفة أحكام النوازل الحادثة في الصيام - مثلا - مما لم تكن على عهده ﷺ وجدت تفاوت الناس في علمها، فكيف يفتي فيها من لم يتخصص؟
ف‏في الصيام، (بخاخ الربو، أقراص تحت اللسان، منظار المعدة، الحقن العلاجية، إدخال القسطرة، المنظار المهبلي، سحب الدم)
‏كيف يفتي فيها آحاد الناس؟
‏‏وقل مثل ذلك في الزكاة، فكل مسلم فرضها عليها، ويقرأ أدلتها في الكتاب وما استطاع من قراءته  من السنة، ولكن تفاصيل الأدلة لا يقرأها كل أحد .
وفي نوازل الزكاة: ‏(زكاة الراتب الشهري، زكاة السندات، زكاة الصناديق الاستثمارية، زكاة الحقوق المعنوية)
‏هل يفتي فيها من لم يعرف طرق الاستدلال؟
‏‏وهكذا في سائر ما يحتاجه الناس من شأن دينهم، هل يكفي أن يقول القائل:
‏إن الدين يسر - وعلى ذلك - لا أحتاج لطلب العلم حتى أعرف تفاصيل الأحكام؟
و‏لا شك أن المسلمين من عصر الصحابة إلى عصرنا هذا لازالوا يرجعون - فيما يشكل إليهم من مسائل دينهم - إلى أهل العلم والفقه في الدين.
ف‏إذا علمنا هذا فلماذا نسمع مضيغ الماضغين ممن يدعون إلى فتح باب الكلام في دين الله بغير علم لكل أحد؟
‏ماذا يريدون؟
‏وما هو مشروعهم؟
‏وغايتهم؟
وفي مقابل ذلك فمن المسلمات الشرعية في فقه الفتيا أن ‏لا تجوز لعالم شرعي فتيا من فتاويه في مسألة طبية حتى يعرف حدود فهمها من طبيب مختص، ولا في مسألة اقتصاد حتى يرجع لمختص، وهكذا في كل علم يستخبر أهله.
وكثير من الأبحاث الفقهية المُحَكمة والفتاوى المجمعية المتعلقة بنوازل معاصرة في مثل علوم الطب والاقتصاد يشارك فيها مختصون من ذلك الفرع العلمي.
وتجد من ينازعك في فكرة التخصص؛ وربما لم يطلع كم يبذل عالم الشريعة من وقت وجهد في سؤال أهل التخصص الطبي حين يريد كتابة بحث في مسألة طبية - مثلا -.
وإني لأعرف من علماء الشريعة عند كتابة بحثه الفقهي الطبي؛ يسائل علماء الطب ويحضر مؤتمراتهم، بل كان يدخل معهم غرف العمليات ليتم تصوره للمسألة.
ف‏أي احترام للتخصص أعظم من القول: ( بحرمة الفتيا ) في مسألة علمية قبل أخذ رأي أهل الاختصاص لبيان وجهها الواقعي، لتعطى حكمها الشرعي بعد ذلك.‏
وهذا الأمر قبل أن يكون احتراما للتخصص؛ فهو خضوع لأمر الله وتعظيم لحدوده، فلا يُحَرّم على الناس ولا يُحَل إلا بعد الاجتهاد في تصور الواقعة.
وهنا فلن أتجاوز ما استدلوا به، وأستدل بها على أن الفهم القرآني ليس على رتبة واحدة، وسأنصب الكلام حول معنى هذه الآية، ليتبين أن هذه الآية التي يستدلون بها يتفاوت الناس في فهمها، ويتدرج مراتب النظر فيها بحسب ملكات الناظرين وعلومهم، وأن الاستدلال عائد على صاحبه معكوس عليه.
وذلك أن فهم القرآن والسنة يأتي على رتب بحسب نصيب كل ناظر من العلم.
فمنهم من يفهم فهمًا عامًا مجملًا، ومنهم من يزيد فيفهم منها معنى أعلى، وسيتبيَّن بالنظر لهذه الآية أن استنباط معاني الآيات ودلالاتها تتفاوت بحسب مكَنة الناظر وتدبره وصلاحه وابتهاله لله وغير ذلك من وسائل تفهم مراد ﷲ.

- فحين تقرأ قوله ﷻ: "ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر" في أول أمرك؛ لعلَّك فهمت منها معنى عامًا بأن ﷲ قد سهّل ﻟﻔﻈ القرآن، ﻭﻳَﺴَّﺮ ﻣﻌﻨﺎﻩ.

- فإذا أعدتَ النظر ستجد أنه جاء ما يؤكد التيسير ب(قد) فإنها تفيد التأكيد في لسان العرب، وسترى كيف دخلت عليها اللام، التي تفيد التأكيد إذا دخلت على فعل ماض متصرف مقرون بقد، فهذه فائدة قد تفوت على بعضهم.

- ثم يقال: أرأيت (الواو) في الآية في قوله {ولقد}، ما صفتها؟ فإن الواو تأتي في لسان العرب على وجوه كثيرة.
- ويقال أيضا: قد تكررت هذه الآية في هذه السورة بعد قصة نوح وعاد وثمود ولوط، وهذه ﻓﺎﺋﺪﺓ أخرى ربما تفوت على من ليس عارفًا بالسورة وورود الآية فيها، فإن اﻟﺘﻜﺮاﺭ ﻳﺠﺪﺩ للمستمع ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎﻉ ﻛﻞ ﻧﺒﺄ اﺗﻌﺎﻇًﺎ، ﻭﻛﺮﺭ معها ﻗﻮﻟﻪ: (ﻓﺬﻭﻗﻮا ﻋﺬاﺑﻲ ﻭﻧﺬﺭ)، ﻟﻴﻨﺒّﻪ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﻗﺼﺔ، ﻓﻴﻌﺘﺒﺮ ﺑﻬﺎ ﺇﺫ ﻛﻞ ﻗﺼﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﺕ ﻋﺒﺮﺓ ﻭﻣﻮﻋﻈﺔ، ﻓﺨﺘﻢ ﻛﻞ ﻭاﺣﺪﺓ ﺑﻤﺎ ﻳﻮﻗﻆ اﻟﺴﺎﻣﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﻴﺪ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ: ﻓﻜﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﻋﺬاﺑﻲ ﻭﻧﺬﺭ.

- ثم يقال: ما معنى (الذكر) في الآية، وكيف يكون معنى الآية إذن؟ وما هو الذكر الذي يُسّر له القرآن؟ 
فإذا رجعت لكلام أهل اللغة ستجد أن منهم من قال في الذكر: أي يسرناه لمن أراد تذكره مع حفظه، ﺑﺎﻻﺧﺘﺼﺎﺭ ﻭﻋﺬﻭﺑﺔ اﻟﻠﻔﻆ، وليس ذلك إلا لهذه الأمة دون الأمم السالفة التي لا تحفظ كتبها، فهص هذه الأمة بحفظ كتابها لما اﺷﺘﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ اﻟﻨﻈﻢ ﻭﺳﻼﻣﺔ اﻟﻠﻔﻆ، ﻭﻋُﺮﻭّﻩ ﻋﻦ اﻟﺤﺸﻮ، ﻭميّزه بشرف اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻭﺻﺤﺘﻬﺎ، ﻓﻠﻪ ﺗﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﺪّﻛﺮ: ﺃﻱ ﻣﻦ ﻃﺎﻟﺐ ﻟﺤﻔﻈﻪ ﻟﻴﻌﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺯﻭاﺟﺮﻩ ﻭﻋﻠﻮﻣﻪ ﺣﺎﺿﺮﺓ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ.
فهو ميسّر  ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﻟﻴﺬﻛﺮﻭا ﻣﺎ ﻓﻴﻪ، ﺃﻱ ﻳﻔﺘﻌﻠﻮا اﻟﺬﻛﺮ، ﻭاﻻﻓﺘﻌﺎﻝ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻨﺠﻊ ﻓﻴﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻴﺮ ﻛﺎﻟﺬاﺕ ﻭاﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻓﻴﻬﻢ، وهناك معان أخرى، كقول من جعل المعنى: ولقد يسرناه للتذكر والعظة والاعتبار.

-ثم تعيد النظر وتقول: فما وجوه التيسير في القرآن؟ فهو ميسر في حفظه ميسر في تلاوته ميسر في الاتعاظ، ﻳﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻠﻮﺏ ﻭﻳﺴﺘﻠﺬ ﺳﻤﺎﻋﻪ، ﻭﻻ ﻳﺴﺄﻡ ﻣﻦ ﺳﻤﻌﻪ ﻭﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﺪ ﻋﻠﻤﺖ ﻓﻼ ﺃﺳﻤﻌﻪ، ﺑﻞ ﻛﻞ ﺳﺎﻋﺔ ﻳﺰﺩاﺩ ﻣﻨﻪ ﻟﺬﺓ ﻭﻋﻠﻤﺎ. 

- وأيضًا: فإن صاحب العلم والبصيرة سيرى أن كلمة (ﻓﻬﻞ) وهي ﻛﻠﻤﺔ اﺳﺘﻔﻬﺎﻡ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﺃﻓﻬﺎﻣﻬﻢ، فالام ﻣﻦ (ﻓﻬﻞ) للاﺳﺘﻌﺮاض، ﻭاﻟﻬﺎء للاﺳﺘﺨﺮاﺝ، وفيه نوع جليل من اﻟﻤﻼﻃﻔﺔ، فإنه استعمل أسلوب الاستفهام المومئ للعرض.

- ثم ينظر في حكمة مجيئ هذه الآية بعد ذكر عقوبات المكذبين، فإن ذلك يشير بالوعيد لمن لم يتفهم القرآن الذي يسرت سبل تفهمه.

- ومن فوائد ذكر القرآن بعد قصص الأمم التذكير بأنه معجزة النبي ﷺ ففيه ﺗﺬﻛﺮﺓ ﻟﻜﻞ ﺃﺣﺪ.

- وأيضا فلما ذكر معجزة القمر في أول السورة جاء بذكر معجزة تبقى ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻭﺭ اﻟﺪﻫﻮﺭ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﻛﻞ ﻣﻦ ﻳﺤﻀﺮه ﺇﻟﻰ ﺩﻋﺎء ﻭﻣﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﻣﻌﺠﺰﺓ، ﻭﻻ ﻳﻨﻜﺮه ﺃﺣﺪ ﻛﻤﺎ ﻳﻨﻜﺮ اﻟﺒﻌﺾ اﻧﺸﻘﺎﻕ اﻟﻘﻤﺮ.
ﻭاﻹﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ اﻟﻜﺘﺎﺏ ﺑﺄﻧﻪ ﻗﺮﺁﻥ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﻛﻮﻥ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎﺏ ﻣﻘﺮﻭءا، ﺃﻱ ﻣﻴﺴﺮا.
ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﺪّﻛﺮ) ﺃﻱ ﻣﺘﺬﻛﺮ ﻷﻥ اﻻﻓﺘﻌﺎﻝ ﻭاﻟﺘﻔﻌﻞ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﻳﺠﻲء ﺑﻤﻌﻨﻰ، ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬا ﻓﻠﻮ ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻞ: ﻫﺬا ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﻣﺮ ﺳﺎﺑﻖ ﻓﻨﺴﻲ، ﺗﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻄﺮﺓ ﻣﻦ اﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﻟﻠﺤﻖ ﻫﻮ ﻛﺎﻟﻤﻨﺴﻲ ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﺪﻛﺮ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻓﻄﺮ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻗﻴﻞ: ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﻣﺪﻛﺮ ﺃﻱ ﺣﺎﻓﻆ، ﺃﻭ ﻣﺘﻌﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺴﺮﻧﺎ ﺑﻪ.
وأيضا فهو ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﻇﻬﻮﺭ اﻷﻣﺮ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻧﻜﺮ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺃﻣﺮ ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻨﺪﻩ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻭﺩﺓ ﻣﺎ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮﻩ.

- وأيضا فلما ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ اﻟﻨﺬاﺭﺓ ﺑﻠﻐﺖ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭاﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ ﻋﻦ اﺳﺘﻤﺎﻋﻪ قد حرموا ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺪﻩ ﺫﻳﻞ ﺧﺒﺮﻫﺎ ﺑﺘﻨﻮﻳﻪ ﺷﺄﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻭﺃﻥ اﻟﻠﻪ ﻳﺴﺮﻩﻭﺳﻬﻠﻪ ﻟﺘﺬﻛﺮ اﻟﺨﻠﻖ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻫﺪﻯ ﻭﺇﺭﺷﺎﺩ، ﻭﻫﺬا اﻟﺘﻴﺴﻴﺮ ﻳﻨﺒﻰء ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ.

- وأيضا فالادّكار في السورة نوعان، اﺩﻛﺎﺭ اﻋﺘﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺁﺛﺎﺭ اﻷﻣﺔ اﻟﺒﺎﺋﺪﺓ، واﺩﻛﺎﺭ ﻋﻦ ﺳﻤﺎﻉ ﻣﻮاﻋﻆ اﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻭﻓﻬﻢ ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻭاﻻﻫﺘﺪاء ﺑﻪ.
فهذه بعض معاني هذه الآية، أتيت ببعضه من كلام أهل العلم، وتركت ما لم أفهمه من كلامهم فيها، والله المستعان.

هناك تعليق واحد: