الحمد لله والصلاة والسلام على رسول ﷲ ، أما بعد:
قال ﷻ: (قُلۡ إِنَّمَاۤ أَعِظُكُم بِوَ ٰحِدَةٍۖ أَن تَقُومُوا۟ لِلَّهِ مَثۡنَىٰ وَفُرَ ٰدَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا۟ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِیرࣱ لَّكُم بَیۡنَ یَدَیۡ عَذَابࣲ شَدِیدࣲ)
• في هذه الآية خمسة أصول من أصول النظر وطلب الحق والتجرد له والنظر في دلائله:
١) القصد إلى القضية المركزية التي ينبني عليها ما بعدها، مما هي معدودة من أمات المسائل، وتكون الباب الذي يولج منه للإقناع، فالمصلح يبحث عن هذه القضية فيمسك بها ثم يجتهد في تجليتها لتفتح ما سواها، قال الله (ثُم تَتَفَكَّرُوا۟ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍۚ)، فإن تفكرهم في أنه ﷺ ليس متهما في عقله مما يفتح لهم باب القناعة بصدقه.
٢) عدم تفريق النظر وتشتيت الفكر بكثرة الكلام، فيتجهم المخالف ويتقبض عن الإقبال للداعي إلى الحق، ولهذا قال هنا: (أَعِظُكُم بِوَ ٰحِدَةٍۖ)، فوصفه بأنه خصلة واحدة لئلا يستثقلوا النظر، لاسيما وهم معرضون من قبل، فكأنه قال: ليس بي إجهاد لكم ولا تضييع لوقتكم.
٣) ابتغاء وجه ﷲ في المحاجّة، وتحري الإخلاص عند طلب البراهين، فإنه قال ﷻ: (أَن تَقُومُوا۟ لِلَّهِ).
٤) طلب الحق بتأمل يتأمله الإنسان مع نفسه أو مع صاحب يعين على الكشف عن الحق ويدارس الحجج، دون تكثير الجموع، ولذا قال: (مَثۡنَىٰ وَفُرَ ٰدَىٰ).
فإن الجموع إذا كثرت تهيّب المتحدث الرجوع للحق، واحتملته عصبية لنفسه، وخاف التشنيع بالرجوع، وشجعته السمعة للتمسك برأيه، بخلاف لو كان خاليا فإنه يمحضها النصح بغير عائق يحمله على ضد ذلك.
٥) الوقوف بتروٍ للتفكير، والتمسك بالتفكير الحر المتجرد، فإن من الناس من إذا عُرض عليه الحق نابذه تقليدا، أو تركه بلا حجة إلا لما يهجم على قلبه من تركه من غير رويّة، ولهذا قال ﷻ: (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا۟ۚ).
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق