الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
فقد ختمت قصة موسى ﷺ وبني إسرائيل في سورة الأعراف بختام ذي موعظة لهذه الأمة المباركة.
وقد طالت سياقة قصة موسى عليه السلام في سورة الأعراف بما لم يأت في سورة أخرى، وكانت قصة بني إسرائيل في الأعراف هي خاتمة قصص الأقوام في تلك السورة.
فانظر ماذا ختم به هذا السياق الجليل!
لقد تحدث القرآن في ختام القصة بثلاث أحدوثات كانت قد وقعت في بني إسرائيل، وهي مثال على ثلاثة أصناف من أصناف الأمم الكتابية في تفلتهم عن كتبهم وشرائعهم، وفيها موعظة لهذه الأمة أن تحاذر طريق بني إسرائيل.
١ • فتحدث القرآن عن قصة أهل القرية التي بسيْف البحر، قال ﷻ: (وَسۡـَٔلۡهُمۡ عَنِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلَّتِی كَانَتۡ حَاضِرَةَ ٱلۡبَحۡرِ إِذۡ یَعۡدُونَ فِی ٱلسَّبۡتِ إِذۡ تَأۡتِیهِمۡ حِیتَانُهُمۡ یَوۡمَ سَبۡتِهِمۡ شُرَّعࣰا وَیَوۡمَ لَا یَسۡبِتُونَ لَا تَأۡتِیهِمۡۚ كَذَ ٰلِكَ نَبۡلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ).
وهذا مثال التفلت من الشريعة بالتحايل عليها، وهو مسلك يسلكه المبدلون في كل وقت، تراهم يتحايلون على الشرائع بأنواع الحيل، فيحلون ما حرم ﷲ بما يصنعونه من حيلة.
وهؤلاء قوم كانوا على سيف البحر، فكانت الحيتان إذا كان يوم السبت أتتهم ترفع رؤوسها، يرونها ولا يستطيعون صيدها لما قد حرم عليهم من العمل في يوم السبت، فإذا مضى سبتهم لم تعد الحيتان، ابتلاء لهم وفتنة، فخدّوا أخاديد على ساحل البحر، حتى إذا مدّ البحر مده حبسوا الحيتان، فإذا جزر البحر ترك الحيتان محتبسة، ثم يأخذون الحيتان في اليوم الذي يليه، وقالوا: لم نصطد في سبتنا.
٢ • وتحدث القرآن عن خلف خلفوا هؤلاء المتحايلين، فقال ﷻ: (فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفࣱ وَرِثُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ یَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَیَقُولُونَ سَیُغۡفَرُ لَنَا وَإِن یَأۡتِهِمۡ عَرَضࣱ مِّثۡلُهُۥ یَأۡخُذُوهُۚ أَلَمۡ یُؤۡخَذۡ عَلَیۡهِم مِّیثَـٰقُ ٱلۡكِتَـٰبِ أَن لَّا یَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُوا۟ مَا فِیهِۗ وَٱلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ یَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ).
فحدثنا ﷲ عن صنف آخر من أصناف الناس مع الكتاب، إنهم قوم يخالفون الشرع ثم يتمنون على ﷲ الأماني، ويقولون: سيغفر لنا!
٣ • ثم تحدث السياق عن صنف أخير فقال ﷻ: (وَٱتۡلُ عَلَیۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِیۤ ءَاتَیۡنَـٰهُ ءَایَـٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِینَ وَلَوۡ شِئۡنَا لَرَفَعۡنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُۥۤ أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ إِن تَحۡمِلۡ عَلَیۡهِ یَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ یَلۡهَثۚ ذَّ ٰلِكَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَاۚ فَٱقۡصُصِ ٱلۡقَصَصَ لَعَلَّهُمۡ یَتَفَكَّرُونَ).
فهذا مثال أهل التحريف للكلم عن مواضعه، وتبديل علماء السوء للشريعة، وقد كان هذا الرجل من علماء بني إسرائيل، ولكنه بدّل وغيّر لنيل لعاعة من الدنيا.
وﷲ المستعان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق