الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فالتكبير لعيد الفطر مستحب عن الجمهور، لقوله: (وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ).
- وهو آكد من تكبير الأضحى، نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه في مسائله ﻗﺎﻝ: "ﻳﻮﻡ اﻟﻔﻄﺮ أﺷﺪّ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {ﻭﻟﺘﻜﻤﻠﻮا اﻟﻌﺪﺓ ﻭﻟﺘﻜﺒﺮﻭا اﻟﻠﻪ}، ولذا بلغ أن أوجبه أهل الظاهر.
- وكان النبي ﷺ يأمر به حتى أمر به العواتق والنساء، ففي الصحيحين: قالت أم عطية: "كنّا نؤمر بالخروجِ في العيدين، قالت: الحُيَّض يخرجن فيَكُنّ خلف الناس، يكبرن مع الناس".
وهو مأثور عن الصحابة، فقد روى الدارقطني عن ابن عمر أنه كان يخرج للمصلى فيجهر بالتكبير حتى يخرج الإمام.
ونقله أحمد عن أبي قتادة رضي الله عنه، وكان رحمه ﷲ يفعله عند غدوّه للمسجد.
- ويبدأ من رؤية هلال شوال، عند كثير من السلف، كابن عباس وزيد بن أسلم.
ودلّت الآية على أن التكبير عقب إكمال العدة، وهي عدة الصوم، نصّ عليه أئمة كالشافعي.
- وينقضي بخروج الإمام لصلاة العيد.
- ويجهر بالتكبير عند أكثر أهل العلم، ﻗﺎﻝ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ: "ﻭﺃﺣﺐ ﺇﻇﻬﺎﺭ اﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻭﻓﺮاﺩﻯ"، وروى في الأم عن اﺑﻦ اﻟﻤﺴﻴﺐ ﻭﻋﺮﻭﺓ ﺑﻦ اﻟﺰﺑﻴﺮ ﻭﺃبي ﺳﻠﻤﺔ ﻭﺃبي ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ الجهر بالتكبير ﻟﻴﻠﺔ اﻟﻔﻄﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ.
ﻭاﺳﺘﺤﺐ الجهر ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺷﻌﺎﺋﺮ اﻹﺳﻼﻡ، ﻭﺗﺬﻛﻴﺮ غيره من المؤمنين.
- ويكبر على نحو ما نقله ابن المنذر عن (عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، أنهما كانا يكبران من صلاة الغداة يوم عرفة إلى الصلاة من آخر أيام التشريق، يقولان: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد"، وقال بهذه الصيغة كثير من السلف، كما جاء عن النخعي، والثوري، وأحمد، وإسحاق.
- وبأي صيغة كبّر المكبّر صح، فإن الأمر جاء في الآية مطلقًا، وقد تعددت صيغ تكبير الصحابة فدلّ على التوسعة، قال أبو داود في مسائله لأحمد: "سمعت أحمد سئل: كيف التكبير يوم الفطر؟ قال: الله أكبر، الله أكبر، قيل لأحمد: ابن المبارك يقول في الفطر، يعني مع التكبير: الحمد لله على ما هدانا، قال: هذا واسع".
وقال ابن تيمية: "صفة التكبير المنقول عند أكثر الصحابة، قد روي مرفوعًا إلى النبي ﷺ: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، وإن قال: الله أكبر ثلاثًا جاز. ومن الفقهاء من يكبر ثلاثًا فقط".
- ولا يكبرون جماعة، ولا يكبر واحد منهم والبقية يستمعون، قال الحطاب: "ﺑﺨﻼﻑ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎﺱ اﻟﻴﻮﻡ، ﻓﻜﺄﻥ اﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﺇﻧﻤﺎ ﺷﺮﻉ ﻓﻲ ﺣﻖ اﻟﻤﺆﺫﻥ، ﻓﺘﺠﺪ اﻟﻤﺆﺫﻧﻴﻦ ﻳﺮﻓﻌﻮﻥ ﺃﺻﻮاﺗﻬﻢ باﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ، ﻭﺃﻛﺜﺮ اﻟﻨﺎﺱ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮﻥ ﻟﻬﻢ، ﻭﻻ ﻳﻜﺒﺮﻭﻥ ﻭﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻛﺄﻥ اﻟﺘﻜﺒﻴﺮ ﺇﻧﻤﺎ ﺷﺮﻉ ﻟﻬﻢ، ﻭﻫﺬﻩ ﺑﺪﻋﺔ ﻣﺤﺪﺛﺔ، ﺛﻢ ﺇﻧﻬﻢ ﻳﻤﺸﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺕ ﻭاﺣﺪ ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺪﻋﺔ؛ ﻷﻥ اﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺃﻥ ﻳﻜﺒّﺮ ﻛﻞ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻭﻻ ﻳﻤﺸﻲ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺕ ﻏﻴﺮﻩ"، ونص على بدعية هذا غيره كالعدوي في حاشيته، والشاطبي في الاعتصام.
والعلم عند ﷲ.
جزاك الله خير
ردحذفكتب الله اجرك و نفع بعلمك
ردحذفجزاك الله خير
ردحذف