الأحد، 20 فبراير 2022

من الوعظ الفقهي في كتب الفقه وأصوله: (فروق القرافي)

     الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

     فقد جرى بعض أهل العلم والفقه على تضمين كتب الفروع الفقهية كتبًا جوامع، تُعقد مستقلة لذكر أنواع من الآداب والمواعظ، كما صنع ابن رشد في (البيان والتحصيل)، وابن أبي موسى في كتاب (الإرشاد)، وكما تراه في كتاب (النوادر والزيادات) لابن أبي زيد، وتجده عند يوسف بن عبد الهادي في (مغني ذوي الأفهام)، وكذا ابن عسكر في (إرشاد السالك)، والكشناوي في (أسهل المدارك) وغيرهم كثير.

• ولكن ربما كان من اللطيف أن نأتي على شيء من المواعظ وآداب الإيمان في كتب القواعد الأصولية والفقهية، فإن مادّتها أبعد عن حديث السلوك ومباشرة تزكية القلوب من غيرها، وإن كان كل ما له اتصال بالعلم الشرعي فهو مرقق للقلوب الشفيفة، ومرطب للأفئدة الزكية، ولكن يغلب عليها التقعيد وتتمحض للتأصيل وتمهيد الكليات مما شأنه ليس من شأن ذكر أعمال القلوب وآداب الإيمان بالأصالة.

     ولكن لن نعدم أن نجد في أثناء هذه المصنفات ما نبغي، وأن نأخذ منها مع تقعيد الأصول الكلية حديثًا عن التزكية ورعاية الأحوال والأدب والخشوع.
     كما تراه - مثلًا - في كلام العز بن عبد السلام من كتابه: (قواعد الأحكام )، فإن له حديثا صالحًا عن حكم الإصرار على الصغائر، وما تتميز به عن الكبائر، وما يؤجر على قصده دون فعله، وحديثا عن الرياء وأحكامه، وأحوال الأولياء ورجائهم وبكائهم وفرحهم بربهم.

• وقد كان لشهاب الدين القرافي أيضا في كتابه (الفروق) كلام  -في بعض الفروق- داخل في جنس تلك المواعظ، أودع فيه من المسائل والأحكام المتعلقة بتزكية النفوس وإصلاح القلوب ما يحسن أن يذكّر به ويشهر ويبرز، لا سيما وهو في خاتمة كتابه وآخر مصنفه مما قد تنبو عنه بعض العيون وتزيغ عنه الأبصار.
     فرأيت أن اختصر شيئًا من كلامه -رحمه الله- مذكّرًا به نفسي وواعظًا لها ولإخواني، فأتيت على عشرة فروق من هذه الفروق اختصارًا وتهذيبًا وتصرّفت فيها بالتقديم والتأخير، بما لعله أن يكون مقربًا للمعنى مختصرًا للمقصود مرتبًا للمراد، أسأل الله أن ينفع بها كاتبها وقارئها.

•• الفرق بين الزهد وعدم ذات اليد:
     اعلم أن الزهد ليس عدم المال، بل هو عدم احتفال القلب بالدنيا والأموال وإن كانت في ملكه.
     فقد يكون الزاهد من أغنى الناس لكنه غير محتفل بما في يده، وبذله في طاعة الله أيسر عليه من بذل الفلس على غيره.
وقد يكون شديد الفقر غير زاهد لأجل ما اشتمل عليه قلبه من الرغبة في الدنيا.

- والزهد في المحرمات واجب، وفي الواجبات حرام، وفي المندوبات مكروه، وفي المباحات مندوب لأن الميل إليها يفضي لارتكاب المحرمات فتركها من باب الوسائل المندوبة.

•• الفرق بين الزهد والورع:
     الزهد هيئة في القلب والورع من أفعال الجوارح: وهو ترك ما لا بأس به حذرا مما به بأس.
     وأصله قوله ﷺ: "الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".
وهو مندوب إليه.
- ومنه الخروج عن خلاف العلماء بحسب الإمكان:
فإن اختلف العلماء في فعلٍ؛ هل هو مباح أو حرام؟ فالورع الترك.
أو هو مباح أو واجب؟ فالورع الفعل.
وإن اختلفوا: هل هو حرام أو واجب؟ فالعقاب متوقع على كل تقدير، فالورع تقديم التحريم، لأن رعاية درء المفاسد أولى من رعاية حصول المصالح، فيكون الورع الترك.
وإن اختلفوا: هل هو مندوب أو مكروه؟ فلا ورع لتساوي الجهتين، ويمكن ترجيح المكروه لما تقدم في المحرم .
هذا مع تقارب الأدلة، أما إذا كان أحد المذهبين ضعيف الدليل جدا بحيث لو حكم به حاكم لنقضناه، لم يحسن الورع في مثله.
     وفائدة الورع الجمع بين أدلة المختلفين، والعمل بمقتضى كل دليل، فلا يبقى في النفس توهّمٌ أنه قد أهمل دليلا لعل مقتضاه هو الصحيح.
     والمباحات لا زهد فيها ولا ورع من حيث هي مباحات ، ولكن من حيث إن الاستكثار من المباحات يحوج إلى كثرة الاكتساب الموقع في الشبهات، وقد يوقع في المحرمات، ولأن كثرة المباحات تفضي إلى بطر النفوس، ويدل على اعتبار ذلك قوله تعالى: "كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى " ، وقوله: "ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك" فلو كان فقيرا مبتلى بالحاجات والضرورات لم تمتد نفسه إلى منازعة إبراهيم ﷺ .
وكذلك قوله تعالى عن الكفار: "قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون".
وقال: "وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي "
وقال: "إلا قال مترفوها " ولم يقل : فقراؤها.
وقوله: "أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ".

•• الفرق بين التوكل وترك الأسباب:
     التوكل اعتماد القلب على الله، فيما يجلبه من خير أو يدفعه من ضر .
     وجاء المنقول والمعقول بملابسة الأسباب مع التوكل، كما قال تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل"، ورسول الله ﷺ سيّد المتوكلين وكان يطوف على القبائل ويقول : " من يعصمتي حتى أبلغ رسالات ربي"
وكان له جماعة يحرسونه، حتى نزلت: "والله يعصمك من الناس"، ودخل مكة مظاهرا بين درعين في كتيبته الخضراء من الحديد ، وكان ﷺ في آخر عمره وأكمل أحواله مع ربه يدخر قوت سنة لعياله.

     وقد رتّب الله ملكه على عوائد أرادها وأسباب قدرها، فمن طلب من الله حصول هذه الآثار بدون أسبابها فقد أساء الأدب مع الله.
     والأسباب منها ما هو مطرد ومنها ما هو أكثري غير مطرد كالأدوية، وكان النبي ﷺ يأمر بالدواء واستعمال الأدوية حتى بالكي بالنار، فإذا كان حاله في الأسباب التي ليست مطردة فما ظنك بغير ذلك.

•• الفرق بين الكبر والتجمّل:
     اعلم أن الكبر لله على أعداء الله حسن، وعلى عباده وشرائعه كبيرة، وأما الإباحة فيه فبعيدة.
    وأما التجمّل فقد يكون واجبا إذا توقف عليه تنفيذ واجب، وقد يكون مندوبا إليه في الصلوات والجماعات، وفي الحروب لرهبة العدو، والمرأة لزوجها، وفي العلماء لتعظيم العلم، وقد يكون حراما كمن يتزيّن للنساء الأجنبيات، وقد يكون مباحا.

     ومن الفروق بينهما أن الأصل في التجمل الإباحة، فإذا عدم المعارض الناقل عن الإباحة بقيت الإباحة، والأصل في الكبر التحريم فإذا عدم المعارض الناقل عن التحريم استصحب فيه التحريم.
وفرق ثانٍ فإن الكبر من أعمال القلوب وأما التجمل من أفعال الجوارح.

•• الفرق بين الكبر والعجب:
     تقدمت حقيقة الكبر، وأنه في القلب، ويعضد ذلك قوله تعالى: "إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه".
     وأما العجب فهو رؤية العبادة واستعظامها من العبد فهو معصية تكون بعد العبادة، وهو حرام غير مفسد للطاعة، بخلاف الرياء فإنه يقع معها فيفسدها.
     وسر تحريم العجب أنه سوء أدب على الله ، فإن العبد لا ينبغي له أن يستعظم ما يتقرب به إلى سيده.

• الفرق بين الرضا بالقضاء والرضا بالمقضي:
     وهذا يلتبس على كثير من الناس، فإن الرضا بالقضاء واجب والسخط بالقضاء حرام إجماعا، بخلاف المقضي، فإن التألم بالمرض بمقتضى الطبع ليس عدم رضا بالقضاء، ولكنه لو قال : أي شيء عملت حتى أصابني مثل ذلك؟ وما كنت أستأهل هذا ! فهذا عدم رضا بالقضاء.
     فنحن مأمورون بالرضا بالقضاء ولا نعترض على ربنا في ملكه، لكننا لم نؤمر أن تطيب لنا البلايا والرزايا ومؤلمات الحوادث، ولم ترد الشريعة بتكليف أحد بما ليس في طبعه، بل ذم الله قوما لا يتألمون ولا يجدون للبأساء وقعا فقال : " ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون".
     ونحن نجزم بأن النبي ﷺ تألم لقتل حمزة وموت إبراهيم ورمي عائشة، ونجزم بأن الأنبياء طباعهم تتألم وتتوجع من المؤلمات وتسر بالمسرات، وإذا كان الرضا بالمقضيات غير حاصل في طبائع الأنبياء فغيرهم بطريق الأولى.

•• الفرق بين المكفرات وأسباب المثوبات:
     اعلم أن كثيرا من الناس يظن أن المصائب سبب في رفع الدرجات وحصول المثوبات وليس كذلك، بل تحرير الفرق بينهما : أن المثوبة لها شرطان:
١ - أن تكون من كسب العبد ومن مقدوره، فما لا كسب له فيه، ولا هو في مقدوره - فلا مثوبة فيه، وكذا ما كان من جنس مقدوره غير أنه لم يقع بمقدوره كالجناية على عضو من أعضائه فإن ذلك لا مثوبة فيه أيضا، وأصل ذلك قول الله :" وأن ليس للإنسان إلا ما سعى " وقوله :" إنما تجزون ما كنتم تعملون".
 ٢ - أن يكون ذلك المكتسب مأمورا به.
     وأما المكفرات فلا يشترط فيها شيء من ذلك، بل قد تكون مكتسبة مقدورة من باب الحسنات لقوله تعالى: "إن الحسنات يذهبن السيئات".
     وقد لا تكون كذلك كما تكفر العقوبات والمصائب المؤلمات لقوله ﷺ: «ﻣﺎ ﻳﺼﻴﺐ اﻟﻤﺴﻠﻢ، ﻣﻦ ﻧﺼﺐ ﻭﻻ ﻭﺻﺐ، ﻭﻻ ﻫﻢ ﻭﻻ ﺣﺰﻥ ﻭﻻ ﺃﺫﻯ ﻭﻻ ﻏﻢ، ﺣﺘﻰ اﻟﺸﻮﻛﺔ ﻳﺸﺎﻛﻬﺎ ﺇﻻ ﻛﻔﺮ اﻟﻠﻪ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻄﺎﻳﺎﻩ».
     فالمصيبة كفارة للذنوب جزما سواء اقترن بها السخط أو الصبر أو الرضا، فالسخط معصية أخرى، فإذا تسخط جعلت سيئة، وقد تكون هذه السيئة قدر السيئة التي كفرتها المصيبة أو أقل أو أعظم بحسب كثرة السخط وقلته، وبحسب عظم المصيبة وصغرها، فإن المصيبة العظيمة تكفر من السيئات أكثر من المصيبة اليسيرة.
     فالتكفير واقع قطعا، تسخط المصاب أو صبر، غير أنه إن صبر اجتمع التكفير والأجر، وإن تسخط فقد يعود الذي تكفر بالمصيبة بما جناه من التسخط أو أقل منه أو أكثر، وعلى هذا يحمل ما في بعض الأحاديث من ترتيب المثوبات على المصائب، فالمصيبة لا ثواب فيها قطعا من جهة أنها مصيبة، لأنها غير مكتسبة، والتكفير يقع بالمكتسب وغير المكتسب.
     ومنه قوله ﷺ: "ﻣﺎ ﻣﻨﻜﻦ اﻣﺮﺃﺓ ﺗﻘﺪﻡ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻦ ﻭﻟﺪﻫﺎ، ﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺣﺠﺎبا ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺭ "، ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻣﺮﺃﺓ: ﻭاﺛﻨﺘﻴﻦ؟، ﻓﻘﺎﻝ: "ﻭاﺛﻨﺘﻴﻦ".
     فالحجاب راجع إلى معنى التكفير، والتكفير في موت الأولاد ونحوهم بسبب الألم الداخل على القلب من فقد المحبوب، فإن كثر كثر التكفير، وإن قل قل التكفير، فلا جرم يكون التكفير على قدر نفاسة الولد في صفاته وبره وأحواله.

•• الفرق بين المداهنة المحرمة والمداهنة التي لا تحرم وقد تجب:
     اعلم أن معنى المداهنة معاملة الناس بما يحبون من القول، ومنه قوله تعالى: "ودوا لو تدهن فيدهنون"، أي يودون لو أثنيت على أحوالهم وعباداتهم ويقولون لك مثل ذلك فهذه مداهنة محرمة.
     وكذلك كل من يشكر ظالما على ظلمه أو مبتدعا على بدعته أو مبطلا على إبطاله وباطله فهي مداهنة محرمة.
والمداهنة منقسمة إلى الأحكام الخمسة: فقد تكون مباحة إذا كانت استكفاء للشر كما جاء عن أبي الدرداء: "إنا لنكشر في وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم"، يريد الظلمة والفسقة الذين يتقى شرهم، ويشكرون بالكلمات الحقة، فإنه ما من أحد إلا وفيه صفة تشكر ولو كان من أنحس الناس.
وقد تكون مكروهة إن كانت عن ضعف لا ضرورة تتقاضاه بل خور في الطبع، أو يكون وسيلة للوقوع في مكروه.
وقد تكون مندوبة إذا كانت وسيلة لمندوب، وقد تكون واجبة إذا كان يتوصل بها القائل لدفع ظلم محرم لا يندفع إلا بذلك القول.

•• الفرق بين الفأل المباح والفأل المحرم:
     الفأل ما يظن عنده الخير عكس الطيرة والتطير.
والفأل المباح مثل الكلمة الحسنة يسمعها الرجل من غير قصد نحو يا فلاح ويا مسعود.
     وأما الفأل المحرم فكأخذ الفأل بالقرعة ونحوها، لأنه من باب الاستقسام بالأزلام، وهي أعواد كانت في الجاهلية مكتوب على أحداها افعل وعلى الآخر لا تفعل.
     والفرق بينه وبين الذي قبله أن الأول متعين للخير يبعث على حسن الظن بالله فهو حسن لأنه وسيلة للخير، والثاني متردد بين الخير والشر وهو بصدد أن يبين سوء الظن بالله.

•• الفرق بين (الغيبة المحرمة) و (الغيبة التي لا تحرم):
     الغيبة هو ما يكرهه الإنسان إذا سمع، ولا يسمى غيبة إلا إذا كان غائبا، واستثني من الغيبة ست صور:
• الأولى: النصيحة لما في صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس قالت: لما ﺣﻠﻠﺖ -أي من عدتها- ﺫﻛﺮﺕ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ ﻭﺃﺑﺎ ﺟﻬﻢ ﺧﻄﺒﺎﻧﻲ، ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ: "ﺃﻣﺎ ﺃﺑﻮ ﺟﻬﻢ، ﻓﻼ ﻳﻀﻊ ﻋﺼﺎﻩ ﻋﻦ ﻋﺎﺗﻘﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ فصعلوك ﻻ ﻣﺎﻝ ﻟﻪ، اﻧﻜﺤﻲ ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ"، ﻓﻜﺮﻫﺘﻪ! ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: "اﻧﻜﺤﻲ ﺃﺳﺎﻣﺔ" ﻓﻨﻜﺤﺘﻪ، ﻓﺠﻌﻞ اﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﺧﻴﺮا، ﻭاﻏﺘﺒﻄﺖ ﺑﻪ".
فذكر عيبين فيهما مما يكرهانه لو سمعاه، ويشترط في هذا القسم:
- أن تكون الحاجة ماسة لذلك.
- وأن يقتصر الناصح من العيوب على ما يخل بتلك المصلحة التي حصلت المشاورة فيها، فالزيادة على العيوب المخلة بما استشرت فيه حرام، بل تقتصر على عين ما عين أو تعيّن الإقدام عليه.

• الثانية: الجرح والتعديل في الشهود عند توقع الحكم بقول المجرح.
وكذلك رواة الحديث يجوز وضع الكتب في جرح المجروح منهم، وهذا أوسع من أمر الشهود.
ويشترط في ذلك:
- أن تكون الشهادة عند القضاة.
- وأن يقتصر على القوادح المخلة بالشهادة والرواية، فلا يقول: أبوه لاعن من أمه، ونحوها من المؤلمات التي لا تعلق لها بالشهادة والرواية.
- وأن تكون النية فيه خالصة لله تعالى في نصيحة المسلمين، أما متى كان لأجل عداوة أو تفكه بالأعراض وجريا مع الهوى فذلك حرام، وإن حصلت به المصالح عند القضاة وفي الرواة، فإن المعصية قد تجر للمصلحة، كمن قتل كافرا يظنه مسلما فإنه عاص بظنه وإن حصلت المصلحة بقتل الكافر، وكمن أراق خمرا يظنه خلا.

• الثالثة: المعلن بالفسوق، كمن يتفاخر بالزنى والسرقة فلا يضر أن يحكى ذلك عنه، لأنه لا يتألم إذا سمعه، فإن الغيبة إنما حرمت لحق المغتاب وتألمه.

• الرابعة: أرباب البدع والتصانيف المضلة، ينبغي أن يشهر في الناس فسادها وعيبها، ليحذرها الضعفاء فلا يقعوا فيها، وينفر عن تلك المفاسد ما أمكن.
ويشترط فيه:
- ألا يتعدى الصدق ولا يفترى على أهلها ما لم يفعلوه ، فلا يقال على المبتدع: إنه يشرب الخمر ولا أنه يزني مما ليس فيه.
وهذا القسم داخل في النصيحة غير أنه لا يتوقف على المشاورة.
     ومن مات من أهل الضلالة ولم يترك شيعة تعظمه ولا كتبا تقرأ ولا سببا يخشى منه إفساد لغيره ؛ فينبغي أن يستر بستر الله تعالى، ولا يذكر له عيب البتة، وحسابه على الله تعالى.

• الخامسة: إذا سبق علم المغتاب عند المغتاب عنده في الأمر الذي اغتيب به، فإن ذلك لا يحط قدره عنده، وقال بعض الفضلاء : ما يعرى هذا القسم عن نهي، فإن الأمر ربما نسي فتعاهده يذكر به .

• السادسة: الدعوى عند ولاة الأمر لضرورة دفع الظلم .

والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق