الخميس، 25 يونيو 2020

تشريف المسلم

الحمد لله:
هناك.. في خطبة يوم النحر في حجة الوداع، حين اجتمع شرف المكان والزمان والعبادة، خطب النبي ﷺ خطبة وداع للأمة.
فماذا سيوصي نبي الرحمة ﷺ أمته وهو في ذاكم المقام الشريف؟
ما هو النبأ العظيم الذي سينوه به النبي ﷺ في يوم تطاولت إليه أعناق عشرات الألوف ممن حضر ذلك المنسك الجليل؟
ياله من موقف مهيب!
مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة قد أصاخوا بآذانهم وشخصت أبصارهم لنبيهم ﷺ وهو يخطب فيهم.
يقول: «أي يوم هذا؟»
فسكت!
حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه!
فقال: «أليس يوم النحر؟»
قلنا: بلى.
فقال: «أي شهر هذا»؟
فسكت!
حتى ظنناه سيسميه بغير اسمه!
فقال: «أليس شهر حرام»؟
قلنا: بلى!
قال: «أي بلدة هذه؟
أليست بلد الله الحرام؟»
كل ذلك يقولون: بلى
ثم قال النبي ﷺ: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا!»، رواه البخاري ومسلم.
هكذا هي الموازنة في ميزان السماء!
وهكذا يرد النبي ﷺ الناس إلى مفاهيمهم المستقرة في وجدانهم عن الزمان (يوم النحر) والمكان (البلد الحرام) ليأخذ بأيديهم إلى مواضع يريد منهم أن يتحسسوها فيعلموا بها ما وراء ذلك!
الله!
ما أعظم حق المسلم على أخيه!
مسلمٌ وكفى!
بعيدًا عن كل اسم وحزب وتكتل ورابطة؛ غير رابطة الإسلام واسم الإسلام وحزب القرآن!
{هو سماكم المسلمين}
كم تحتاج النفس المتعبة بأعباء التحزبات، وأثقال الدنيوية، أن تعود إلى طهر ونقاء قول الله: {إنما المؤمنون إخوة}.
فيعمر قلب المؤمن بتعظيم ما عظمه الله، ورفع ما رفعه الله.
ولطالما كان النبي ﷺ ينبه على شأن المؤمن وشرفه وحقه على أخيه المؤمن.
فعن اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﻝ: ﺻﻌﺪ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﷺ اﻟﻤﻨﺒﺮ فنادى -ﺑﺼﻮﺕ ﺭﻓﻴﻊ- ﻓﻘﺎﻝ: «ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ ﻣﻦ ﺃﺳﻠﻢ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻭﻟﻢ ﻳﻔﺾِ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺒﻪ! ﻻ ﺗﺆﺫﻭا اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ وﻻ ﺗﻌﻴﺮﻭﻫﻢ وﻻ ﺗﺘﺒﻌﻮا ﻋﻮﺭاﺗﻬﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ ﺗﺘﺒﻊ ﻋﻮﺭﺓ ﺃﺧﻴﻪ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺗﺘﺒﻊ اﻟﻠﻪ ﻋﻮﺭﺗﻪ، ﻭﻣﻦ ﺗﺘﺒﻊ اﻟﻠﻪ ﻋﻮﺭﺗﻪ ﻳﻔﻀﺤﻪ ﻭﻟﻮ ﻓﻲ ﺟﻮﻑ ﺭﺣﻠﻪ»!
قال: ﻭﻧﻈﺮ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻳﻮﻣﺎً ﺇﻟﻰ -اﻟﺒﻴﺖ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ اﻟﻜﻌﺒﺔ- فقال: ﻣﺎ ﺃعظمك ﻭﺃﻋﻈﻢ ﺣﺮﻣﺘﻚ، ﻭاﻟﻤﺆﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ ﺣﺮﻣﺔ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻣﻨﻚ"، رواه الترمذي.
فأي أمر بلغ أمر المؤمن حتى كان التعامل معه معيارًا لصدق الإيمان وحقيقته.
يا رب، اغفر وتجاوز.

هناك تعليقان (2):

  1. نعم أخُ الإسلام أنت شيخنا الجليل
    زادكم الله صدقا وتوفيقا

    ردحذف
  2. رائع جدا
    بالتوفيق

    ردحذف