الجمعة، 2 يوليو 2021

الرجولة المحرمة!

       حمدًا لك اللهم، أمّا بعد:

     سلامٌ على الرجال! أصحاب الصفقة العادلة! الذين عقدوا العقد مع ربهم، (ومن أوفى بعهده من ﷲ).

     سلام على أولئك الرجال المصبوغين بدهن الرجولة المقدّس!

     الرجال الذين يرفضون أن تمتصّ منهم دماء رجولتهم لتصبغ بها شفاه الحضارة الغربيّة!

     سلامٌ على الرجال الذين أبوا تسليم الرجولة الممنوعة! الرجولة التي يحرّمها أعداؤنا على شبابنا ليصبحوا كيانًا لزجًا يسهل تشكيله.

     سلامٌ على الرجال الذين ذابت عيونهم بأحماض دموعهم على أمتهم، يومًا بعد يوم!

     سلامٌ على أولئك الذين صهرتهم الحياة في أفران البلاء فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله، وما ضعفوا، وما استكانوا، وما زادهم إلا نقاء في معدنهم!

     سلامٌ على أولئك الأماجد الذين حلّقوا كيف شاؤوا؛ ولم تنحبس نفوسهم خلف خطوط الوهم الشاهقة، التي أقنعتنا بها بريطانيا!

     هم كغيرهم (يحبّون) و (يعشقون)، وتُدير بعقولهم غنج الأنوثة، وتطيح بهم لحظ العيون، لكن ذنبهم الوحيد أنهم رجال!! لا تلهيهم تجارة ولا دراسة ولا نساء عن التضحية!

     سلامٌ عليهم كلما وجدتَ في مُخبآت نفوسهم ذكرياتٍ عن عواطف حرّى، تركت في قلوبهم ندوبًا بعد قصص حبٍّ طاهر، لم يكتمل عقده، ولم يلتئم شمله.

    لقد عاشوا يؤجّلون الشجن إلى أمد مفتوح! لأنهم في رحلة انتقام مفتوحة لأمتهم! وإن كانت خفقات قلوبهم بالشوق والحب تفضحهم بين حين وآخر!

     الرجال العنيدون الذين سلِموا من التبسيط الإجباري، التبسيط الذي يُفرض على الشاب المسلم ليصبح (بسيطًا) بلا وعي، (بسيطًا) بلا هدف، (بسيطًا) بلا قرار!

     الرجال الذين يبصرون ما لا يبصر غيرهم، فأبصروا ثقوب الحضارة الغربية وروحها تتسرب منها، حين كان أكثر الناس مغترين بكبرياء تلك الحضارة التي تخفي تحته خواءها وعدمها.

     الرجال الذين تعافوا من السمّ المدسوس في عسَل الحضارة الماديّة! ولطالما حقن به فتيان الأمة!

     الرجال الذين يستعصون على التنميط، الذي يجعلهم منتجًا مكررًا على وفق المعايير الدولية العلمانية.

     رجال صارمون حفيت أرواحهم وهي تمشي على حدّ السيوف! هل قلت السيوف؟ وأين السيوف؟ لم يعد هناك سيوف! لكنها الراجمات، والصواريخ العابرة للقارات، وقنابل النابالم، وكل ما أنتجته بشاعة حضارتهم!

     سلام على الرجال الذين لا يتوقفون عن العطاء لأمتهم إلا إذا توقّف الجهاز التنفسي، وتعذّرت دقّات القلب!

     أولئك الرجال الذين علّقت أسماؤهم في قوائم المشاغبين! منذ كانوا صغارًا، حين كانوا لا يرتضون نصف اللعبة! وكبروا وكبرت معهم مشاغباتهم التي لا يعرفون معها نصف الحل، ولا يسلكون نصف الطريق، ولا يدينون بنصف الدين!

    سلام على الرجال ذوي العيون الصقرية، الذين ترى في عيونهم لمعة تنطق عن النور الذي في صدورهم، عيون لم تنعسها ملهيات التقانة، ولم تخدّرها مترفات الحياة، ولم تمرضها شبهات الخالفين.

     سلام على الرجال الملتحفين برجولةٍ تقاوم اللاوعي! لتمنع صاحبها أن يتحوّل مع الأيام -دون شعور- إلى مومياء محنّطة تلين للسائس الدولي، ولا تمتنع عن قياد من اعتاد أن يعلف الجماهير الزور، ليربطهم في دائرة الوهم العالمي!

     رجال دخلوا التاريخ -حقًا- من أشرف أبوابه، لكن ضنّت عليهم أمتهم من أن يذكروا في المجامع، وحرموا أن تسطّر مآثرهم في الكتب، وأن تروى بطولاتهم للأطفال! وذهبوا بغصّاتهم، وتسلقوا سلّم البطولات في صمت، ولم يبقَ من أحدهم إلا مصحفه الصغير، وبقايا وصية امتزج حبرها بالحمرة، وذكريات يرويها بعض الأصحاب خلسة! وجمرة في قبضة يد أحدهم!

     سلامٌ عليهم يوم ولدوا، ويوم يموتون، ويوم يبعثون أحياء!

    

هناك 4 تعليقات:

  1. سلام عليك .. و حفظ و رفعة

    ردحذف
  2. تهوي الجبالُ الراسياتُ وقلبهم..
    على العهدِ لا يلوي ولا يتغَيّرُ!

    (عبادةٌ في الهرج كهجرةٍ إلي)

    ردحذف
  3. ما أحلاه و أمره !
    الله يحفظك وينفع بك

    ردحذف