الأحد، 26 مارس 2017

• (طليعة: الألفاظ الأعجمية في لسان الفقهاء).

           بسم الله الرحمن الرحيم

     الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذه طليعة (بحث: الألفاظ الأعجمية في لسان الفقهاء)، أتيت فيه بمقيدات وفوائد في التعريب وأقسامه وأسبابه وأمثلته؛ كنت قد كتبتها لنفسي وقيدتها لأستفيد منها في خاصة أمري، وضعتها عفو القلم، لم أقصد بها استقصاء ولا تحريرا وإنما وقعت لي شيئا بعد شيء، فانتظمت على هذا الترتيب الذي ستراه، وأنت فستجد في قراءتك لها، أنها على نحو التذكرة والتعليقة التي قد يستفيد منها غير المتخصص ويستغني عنها المتخصص، فأحببت أن يشركني أمثالي من أخواني بما لعله لا يخلو من فائدة.

لقد استعملت العرب للدلالة على الألفاظ الأعجمية كلمات ومصطلحات عدة، ومنها:
- المعرّب بتشديد الراء، ويقولون المعرَب بالتسهيل، ولم يستعمل سيبويه إلا التسهيل ولكن استقر الأمر في كتب اللغة على التشديد.
والمعرّب: هو الكلمة الأعجمية التي أخضعتها العرب لقواعد العربية، وقيل بل المعرب ما عربته العرب في عصر الاستشهاد، وقالوا: فأما ما عرب بعد ذلك فهو المولد .

- والدخيل: قيل هو مرادف للمعرب، ولهذا سمى الخفاجي كتابه :" شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل "، إلا أنه ربما أطلق على ما هو أعم من المعرب، فهو كل ما دخل اللغة وإن كان بعد عصر الاستشهاد.
- والأعجمي: يطلق على الكلمات الأعجمية التي لم يخضعها العرب لقواعد اللغة مثل تلفزيون.
- والمولد: هي الكلمات التي استعملها المولدون ، وقيل المولد هو: كل ما تكلم به المولدون سواء بتعريب أو اشتقاق من كلمة عربية أو ارتجال.

• ومنهم من قسّم تقسيما قريبا من ذلك:
١ - المعرّب: وهو ما أخضعته العربية لقواعدها وقبلته في عصور الاحتجاج .

٢ - الدخيل: هو ما لم تخضعه العربية لقواعدها ، وإنما نقلته في عصور الاحتجاج.

٣ - المولّد: ما نُقل بعد عصور الاحتجاج، ويشمل كل تغيير جَدّ في العربية كالتعريب والنحت والاشتقاق.


• كيفية معرفة الأعجمي من الكلمات:
١ - النص على ذلك في الكتب:
فقد درج بعض العلماء على النصّ في كتبهم أن الكلمة غير عربية، كما نرى بعض المفسرين ينص على أن هذه الكلمة موجودة في لغات أخرى ، بالإضافة إلى أن هناك كتباً أُلّفت في حصر الكلمات المعربة أو عقدت فيها فصول لبيان ذلك مثل:
* عقد سيبويه في كتابه بابا بعنوان (هذا باب ما أعرب من الأعجمية)، وكذا عقد أبو عبيد القاسم في كتابه الغريب، وابن قتيبة والثعالبي وغيرهم كثير.
* كتاب المعرّب للجواليقي.
* حاشية ابن بري.
* المهذب للسيوطي.
* قصد السبيل للمحبي.
* شفاء الغليل للخفاجي وغيرها.


٢ - التتبّع التاريخي:
عند تتبع تاريخ الكلمة ومقارنتها باللغات الأخرى يتضح مدى أصالة الكلمة أو استعارتها من لغة أخرى أقدم من اللغة المدروسة.

٣ - النظام الصوتي:
وذلك لأن لكل لغة نظاماً صوتياً تتميز به :
أ - إمّا في نوع الأصوات، فإن هناك حروفا في العربية يقلّ وجودها في غيرها كمثل: (ح ، غ ، ض ، ء ، هـ).

كما أن هناك أحرفاً لا توجد في اللغة العربية مثل:
- الگاف الفارسية، التي يسميها سيبويه: الحرف بين الكاف والجيم مثل: ( لگام عربت بلجام)، ( گورب عربت بجورب)، - ومثل الباء المثقلة پ، ( P )، ويسميها سيبويه: الحرف بين الباء والفاء، مثل: (فالوذج أصلها پالوده).

- ومثل حرف الجيم الفارسية چ في مثل: (چك عربته العرب صك).

- ومثل الفاء المثقلة، ڤ ( V ).

- مع أنهم قد يبدلون الحرف بغيره مع وجوده في لسانهم، كما في (تازه عربتها العرب بطازج) و (كنده عربوها بخندق) و (لشكر عربوه بعسكر).
وقد نصّ القلقشندي في "صبح الأعشى" على أن حروف العربية الفصيحة ثمانية وعشرين (٢٨) حرفًا، وإنها مع غير الفصيحة ثمانية وأربعين (٤٨) حرفًا.

ب - وإما بطريقة تأليف الأصوات فيها:
قال الخليل: "أي كلمة رباعية أو خماسية ليس فيها حرف من أحرف الذلاقة - وهي المجموعة في قوله (مر بنفل) - فليست عربية، على أنه استثنى في معجم (العين) بعض الألفاظ، مثل: عسجد.
 -  قال الجواليقي: لا يجتمع في العربية قاف وجيم ( جلّق، منجنيق)، ولا صاد وجيم (صولجان، جصّ) ، ولا طاء وجيم (طاجم) ، ولا قاف وكاف (قراتكيني).
- ليس في العربية كلمة مبدوءة بنون وَراء أصليتين مثل (نرجس) ، فهذه كلمة أعجمية.
-  لا يجتمع في كلمة السين والذال.
- لا يجتمع الطاء والجيم في كلمة.
- ليس في العربية كلمة مختومة بدال فزاي ، مثل (مهندز): (تعريبها مهندس).
- ليس في جذر عربي نون بعده راء (نرجس).


٤ - النظام المقطعي، فهناك مقاطع لا توجد في العربية، مثل المقطع التالي:
مهراجا: مه را جا
ص + ح + ص ص + ح ح ص + ح ح
فتجده هنا: (مغلق مفتوح طويل مفتوح طويل)
فتوالي المقاطع بهذه الصورة يدل على أن هذه الكلمة ليست عربية، فهي هندية بمعنى الرئيس.

٥ - النظام التصريفي:
- إذا لم يعرف للكلمة أصل اشتقاقي فهي أعجمية مثل:
( تَنّور ): نصّ عليها الجوهري: لأن مادة (تنر) مهملة، ويرى العلامة أحمد شاكر أنها عربية لورودها في القرآن، وقد أوضح ذلك في تتبعه للجواليقي، وقد ورد في المعجمات مشتقات لهذه الكلمة، ومنها : اصطبل - منجنيق .

- كما أن مجيء الكلمة على وزن غير مستعمل في العربية يحكم بعدم عربيتها، مثل: إبريسم، خراسان، إسماعيل، إزميل.

٦ - النظام النحوي: لكل لغة نظام نحوي تتميز به، ومما تتميز به العربية:
- أن الكلمات الأعجمية تمنع من الصرف للعلمية و العجمة، مثل إبراهيم، إسماعيل.
- أن الكلمات الأعجمية لا تدخلها الألف و اللام ،كما زعم بعض العلماء، فأي كلمة لا تدخلها "ال" فهي أعجمية ، نص على ذلك ابن جني في المحتسب.


• • وانتقال المفردات من لغة إلى أخرى ضرورة لغوية اجتماعية، فإن تجاور اللغات وتداخل الأمم والفتوح والهجرات وتنوع المنتج العلمي والطبي والتقني يقتضي دخول الكلمات من لغة إلى أخرى، ولأن اللغة العربية لغة اشتقاقية فقد تنوع تعامل العرب مع الدخيل من الكلمات أو المعاني ( فإن اللغات أنواع:
(اشتقاقية - وجامدة - ولاصقة)، ومن وسائل التوسع اللغوي تلك الطرق التي يسلكها اللغويون في التعريب بأنواعه.


• والتعريب ينقسم إلى:
١ - المعرّب الصوتي: وهو الكلمات الأعجمية التي أخضعتها العربية لقواعدها نحو: تلفاز .
٢ - المعرب المعنوي: وهو الكلمات التي نقلت معانيها إلى العربية بإيجاد بديل عربي (ترجمة الكلمة).
• فمن القسم الأول (المعرب الصوتي):
١ - قسم عربته العرب مما هو على أبنيتها، ولهذا فهو يعامل معاملة الكلمات العربية مثل:
- دينار، درهم، ولهذا قيل: فلان مُدَرهم ( كثير الدراهم )، دَرْهَم فلان.
- بهرج (زائف)، يقال بَهْرَجَ فلان، ودرهم مُبَهْرَج.
- ومنه سرداب، فالآب الماء، وسرد بارد.
- وميزاب "فالآب" الماء، و "ميز" مسيل، فتعريبه ليس يحتاج إلى تغيير، وهذا القسم قليل في كلامهم.
• ويستدلّ أبو حيان في الارتشاف، لذلك بما روي عن الخليل أنه قال: "الباشق فارسية معربة تعني الأجدل الصغير ( طائر )، ويجوز لك أن تقول : بَشَقَ".
فقد أجاز الخليل الاشتقاق من الكلمات الأعجمية وأبى ذلك آخرون كما يقول: ابن السراج ، ويزعم بأن من يجيزه كمن زعم أن الطير ولد الحوت!
وفي ذلك يقول ابن فارس: "والأصل في هذه الأبواب - يعني الرباعي المنحوت - أن كل ما لم يصح وجهُه من الاشتقاق الذي نذكره فمنظور فيه، إلاّ ما رواه الأكابر الثقات " (مقاييس اللغة ٢ / ١٤٨)
* وهذا يدل على عدم لزوم تغيير بنية الكلمة في التعريب، بل لا يشترط أن يغيّروا كل ما ليس على أبنية كلامهم، ولذا قال سيبويه: ( وربما تركوا الاسم على حاله، إذا كانت حروفه من حروفهم كان على بناء كلامهم أو لم يكن)، وكذا قال إمام العربية ابن فارس.
وقد خالفهم غيرهم من علماء اللغة، كما قال الجوهري : (وتعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها)، ونُسب ذلك إلى ابن جني، وممن تشدد في ذلك الحريري ولذا تجدهم يوجبون: ( كسر أول سرداب ليلحق بشمراخ، وضم أول دستور ليلحق ببهلول)، وقد تعقبه الخفاجي فقال: "وزعم أن المعرّب لابد أن يرد إلى نظائره من أوزان العربية، والذي صرح به النحويون خلافه .. وذكر كلام سيبويه السابق" .

٢ - قسم غيّرته العرب لكنها لم تلحقه بأبنيتها، وكثيرا ما يغيرون فيه ما يجعله على قانون مجانس لكلامهم إما:
أ - بنقص بعض حروفه ( نشاسته = نشا ) ( بُريده دم = بريد).
ب - زيادة حروف (جوكان = صولجان ).
ج - إبدال حروفه ( براذه = فرزدق ) ( طازه = طازج ) وتعني الطيب الخالص، و ( برنامه = برنامج) و ( كوسه = كوسج ) و ( بنفسه = بنفسج) و ( شكر = سكر) و ( فُندق = وهو مفتوح القاف في لغته الأصلية، أبدل بضم القاف )، ( ساده = ساذج، وهو الأبله المجنون ، أو طيب القلب ) ( استبره = استبرق ).

د - التغيير مع مراعاة تصريف الكلمة في لغة العرب، ومنها: (مقاليد فإن مفرده إقليد، وهو معرب كليد)، فأبدلت الهمزة ميما في حال الجمع رعاية لاسم الآلة فإنه يأتي بالميم في كلامهم.
٣ - قسم لم تغيّره العرب وإنما نقلته على صورته:
مثل : تنّور ، كُرْكُم ، زنجبيل ، خراسان.

• ومن القسم الثاني ( التعريب المعنوي):
١ - التعريب بالاشتقاق: ومن أمثلته :( ناسوخ للفاكس، وقابس للفيش، ودراجة، وسيارة، وهاتف، ومذياع، وسجاد للموكيت، وآلة للماكينة، ومرآب للكراج، ورائي للتلفزيون، وشيفرة للكود).
وربما كان الاشتقاق من حروف مقاربة للفظ الأعجمي: (كتعريبهم للراد = راديو ) - ( المكنة = ماكينة) .

٢ - التعريب بالنحت ( ويدخله بعضهم في الاشتقاق وسماه ابن جني : الاشتقاق الكبّار) ويحتاج إليه في الألفاظ الأعجمية المركبة: البرمائي - اللاإرادي - الفوطبيعي
٣ - محاكاة الصوت:
صاروخ - هدير الطائرة - أزيز الرصاص.
•• خـاتمة:
• فائدة:
 قد يوافق بناء الدخيل بناء من أبنية الجمع في العربية، فيظن أنه جمع ويشتق منه مفرد، وتصبح لدينا كلمة جديدة مفردة ليست من أصل كلام العرب، ولا في لغتها الأصلية مثل:
- (قروش) فإنها تركية وهي مفرد في لغتهم، ولما كانت توافق بناء (فعول) وهو من أبنية الجمع أجريت على منوال الجمع، فجعلوا مفرده (قرش).
• فائدة أخرى:
قد تعرّب بعض الكلمات فتصبح لفظا مشتركا:
- شهر للقدر من الأيام عند العرب، وهو لفظ مشترك معناه (المدينة ).
- قط وهو السنور وهو عربي، وفي لفظ معرب: الحظ والنصيب.
- حُب وهو الوداد، وفي لفظ معرب : الجرة الكبيرة.
- مرج وهو الاضطراب، وفي لفظ معرب الأرض المتربة المعشاب.
•• ما سبق ذكره فهو في المفردات اللفظية، فأما التراكيب المترجمة، فربما كان البلاء بها أعظم والنكأة في الجرح اللغوي أطم ولعله يظهر لك شيء من ذلك بالنظر في بعض هذه التراكيب المترجمة:
١ - مثل قولهم : (أكثر وضوحاً و أكثر دقَّة  و أكثر اتِّساعا) بدلاً من (أوضح و أدقّ و أوسع).
٢ - مثل استعمالهم: (ندوة توعوية و مباراة كروية و الطريقة السلطوية) بدلاً من ( ندوة توعية ومباراة في كرة القدم وطريقة السلطة).

٣ - ومنه قولهم: ( الواقعية كمفهوم أدبي، أو البرلمان كسلطة تشريعية )، وهي التي يسميها الداعية الكبير تقي الدين الهلالي باستعلاء المؤمن: الكاف الاستعمارية، وهي ترجمة لكلمة as باللغة الإنكليزية، وهي طريقة أعجمية ليست من مستعملات العرب.
٤ - وكذلك أخذت (صيغة الظرف الإنكليزية ) تطرد ( المفعول المطلق من اللغة العربية) وتُحِلُّ محلَّه عباراتٍ من مثل: (بصورة كبيرة، أو بشكل عشوائي) وهي مقابل تعبيرَيْ largel، فاللغة العربية لا تذكر الفاعل عند البناء للمجهول بل تذكر نائب الفاعل .
أما اللغة الإنكليزية فقد تذكر الفاعل لأن الوظيفة البلاغية للمبني للمجهول فيها تختلف عن وظيفة هذه الصيغة في اللغة العربية، فهي تتخفف من استعمال المفعول المطلق، فتجد في الترجمة منها: (بصورة – بشكل – لدرجة – على نحو)
كقولهم: ( مشيت بصورة جيدة) ، و ( سار بشكل حسن ) ، و ( إن قامته طويلة لدرجة أنها تسد الباب)، و (ظهر على نحو واضح).
وهذه كلها استعمالات نائية عن العربية، والأصح منها أن يقال: (مشيت مشيا جيدا)، و (سار سيرا حسنا)،  و ( إن قامته طويلة طولا يسد الباب) ، و ( ظهر ظهورا واضحا)، أي أن الأصح استعمال المفعول المطلق فيه.
٥ - ومنها قولهم : ( أرسلت الرسالة من قِبَل فلان)، فإنها ترجمة لعبارة من نوع ( by sent was letter The).
٦ - ومنها قولهم : (ولكن الزوجة ما إن سمعت زوجها يصرخ بها على هذا النحو، وعلى الرغم من أنها قد أصابها الفزع لأول وهلة، سرعان ما فكَّرت!)، فإن من اعتاد على طريقة القرآن والتراكيب النبوية وارتاض لسانه بالقراءة في كتب المتقدمين؛وجد نفارا من هذا التركيب، وذلك لأن بنية هذه الجملة على غير طريقتهم، فإنها بنية انكليزية، فإن من شأن البنية العربية
المستقيمة أن تعيد الصياغة بحيث تضع المتعلِّقات في مكانها الصحيح ولا  تكثر جمل الاعتراض، فلو قيل: (ولكن ما إن سمعت الزوجة زوجها يصرخ بها على هذا النحو؛ حتى فكَّرت في حيلة خادعة رغم الفزع الذي أصابها لأول وهلة) لكان أقرب لمستعملات لغة العرب.
٧ - ومنها الاختصارات الحرفية:
فإنه لم يشع استخدام الاختصارات في اللغة العربية إلا على نحو محدود مقارنة باللغات الأجنبية.
فإنك لا تكاد تجد لها أثراً في كتاباتنا القديمة، باستثناء مختصرات قليلة العدد في كتابة بعض علوم الشريعة:  مثل علامات الوقف في القرآن الكريم، و "نا " اختصاراً لكلمة " حدَّثَنا" في كتب الحديث، والباب هنا واسع.
وأما في اللغات الحديثة - ولا سيما الإنكليزية - فإن هذه الاختصارات تصل آلافا، وفي كل مجال من مجالات الكتابة، بل تراها في حديثهم السائر ومخاطباتهم.
٨ - إضافة أكثر من مضاف إلى مضاف إليه واحد كقولهم : (احتدام واشتداد القتال)، والصواب في لسان العرب أن يقال: (احتدام القتال واشتداده) ، فلا يضيف إلا مضافا واحدا إلى المضاف إليه، ثم يضيف المضاف الآخر إلى ضمير يعود على المضاف إليه الأول.
٩ - تأخير الفاعل وتقديم ضميره عليه، كقولهم: (في تصريح له عن الأحوال العسكرية، قال وزير الدفاع ..)، والأصوب أن يقال: (قال وزير الدفاع في تصريح له عن الأحوال العسكرية..).
١٠ - جمع عدد من الأسماء المعطوفة في جملة واحدة، وذلك دون أن يتبع كلا منها بحرف العطف " و "، كالقول: ( ذهب أحمد إلى المكتبة واشترى كتبا، أقلاما، صورا، دفاتر! )، وهذا أسلوب فيه فجاجة وعجمة، وإن أخذت به لغة أخرى كالإنجليزية.
والصواب أن نقول : (ذهب أحمد إلى المكتبة، واشترى كتبا وأقلاما وصورا ودفاتر ).
١١ - أثر الترجمة الحرفية:
( أ ) فمثلا يستعمل بعضهم كلمة " ضد " وهي ترجمة حرفية لكلمة ( against ) في اللغة الإنجليزية، فيقال : " حارب ضد الاستعمار"، و " ينبغي أن يسعى الآباء لتلقيح أبنائهم ضد الجدري "، و " صدر حكم ضد فلان "، وغير ذلك.
وينصب الاعتراض على أن الأسلوب الذي يلجئ إلى استعمال هذه الكلمة، أسلوب يخالف طرق تعبير العرب.
فقولهم : ( فلان يحارب ضد الاستعمار ) يُفهم منه أن هذا المحارب مخالف للاستعمار، أي أنه يحارب في جبهة أخرى غير الجبهة المعادية للاستعمار. والصواب في ذلك القول: ( شن حربا على الاستعمار .
و ( يجب تلقيح الأطفال من الجدري )، و ( صدر حكم بحق فلان أو عليه ) .

ب - ومن الكلمات التي يساء استخدام ترجمتها، كلمة ( reach ) بمعنى يصل.
فإذا ذكر وصول أحد يقول : ( وصل فلان مصر ) .
وهذا استعمال خاطئ، فإن الفعل " وصل " في الإنجليزية فعل متعدٍ .
 ولكنه في العربية لازم لا يتعدى، فليس يحتاج إلى مفعول، ولكنه يتعدى بحرف الجر " إلى ".
فنقول : ( وصل إلى مصر مساء ) .

ج - ومنها أيضا كلمة ( طبقا ) المترجمة عن كلمة ( according ) فهي ترد في أمثلة كثيرة.
فمن ذلك قولهم : " سيتم وصول فلان يوم الأحد طبقا لوكالات الأنباء ".
وفي لغة العرب لا يأتي ذلك على طريقتهم في مثل هذا الموضع .
وكذا ( وفقا ) أو ( وفاقا ) أو ( على وفق ) .
ومنه محاكاة كلمة ( cancel ) بكلمة ( لاغيا ) .
كقولهم : ( يعد الاتفاق لاغيا منذ مساء اليوم ) .
وينصب الاعتراض على كلمة " لاغيا "، لأنها على وزن اسم الفاعل من الفعل " لغا – يلغو "، أي كثر كلامه.
ولكن السياق الذي تُذكر فيه كلمة " لاغيا " لا شأن له بكثرة الكلام أو قلته، بل يعنون به إبطال الاتفاق  .
وكان الواجب استعمال كلمة ( ملغي ) ، وهي اسم المفعول من الفعل ( ألغى – يلغي ) .
فالصحيح إذن أن يقال : ( يعد الاتفاق ملغيا منذ مساء اليوم ) .

د - والبعض يترجم كلمة ( still ) بكلمة
( لا زال ) ، فيقول:  (لا زالت الاجتماعات منعقدة ) .
ويقول : ( لازالت الجهود تبذل لإصلاح الوضع )، وهذا استعمال خاطئ لكلمة ( لا زال ) ، فهي تفيد الدعاء لا الاستمرار، ويصح أن يقال : ( لا زالت الديار قوية عزيزة بأهلها )، فهو دعاء للديار بدوام القوم والعز، وأما ما يفيد الاستمرار فهو ( ما زال ) ، كأن نقول : ( ما زالت الاجتماعات مستمرة ) ، و ( ما زالت الجهود مبذولة ) .

هـ - ومن ذلك كلمة ( by ) التي يترجمها بعضهم ( مِن قِبَل ) ، ويدخلونها في الجمل، فيقولون : ( دُونت الملاحظات مِن قِبَلْ اللجنة ) .
ولكن ليس في استعمال ( مِن قِبَلْ ) فائدة، فإنه يمكن أن يقال : ( دونت اللجنة الملاحظات ) .

و - وهناك كلمة شاع استعمالها شيوعا خاطئا، فلا تكاد تخلو منها جملة، وهي كلمة ( بالنسبة ) ، التي يمكن التخلي عنها دون حدوث أي إخلال في الجملة، فضلا عن أن استعمالها يخالف الاستعمال العربي المستقيم .
فتراهم يقولون : " انخفضت أسعار العملات، وبالنسبة للمارك الألماني فقد انخفض مقابل الدولار ".
وهذا تركيب غير صحيح للجملة، فإن ( النسبة ) هي القرابة أو ما تعلق بها.
والصواب أن يقال : ( انخفضت أسعار العملات، أما المارك الألماني فقد انخفض مقابل الدولار ) .

ز - ترجمة بعض كلمات الإنجليزية بكلمة واحدة مقابلة في اللغة العربية، مثل كلمة ( privatization )، والتي وضعت لها ترجمات عدة، مثل: ( الخصخصة ) أو ( التخصيص ) أو ( التخصيصية ) .
وهذه كلها ترجمات غير دقيقة للكلمة، فإن اللغة الإنجليزية تميل دائما لاستخدام الزوائد ( affixes ) سواء كانت بادئة أم لاحقة إلى الكلمة الأصلية .
ولذلك فهذا الاستعمال أكثر من كلمة واحدة، وإن كانت في ظاهرها كلمة واحدة.
فالترجمة الدقيقة أن يقال : " التحول للقطاع الخاص " .
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أمثلة للكلمات الفارسية المستعملة في لغة العرب في أزمنة :
 فرمان: دستور.
بيمارستان: مشفى.
ديوان: دفتر.
ديباجة: أصلها دي وان‌چه/دي بان‌چه أي الدفتر الصغير.
بنفسج : بنفشه.
طازج : تازه.
برنامج : برنامه.
ساذج : ساده.
خنجر: خونگر.
** الأمثلة الأخيرة مستفادة من مقال : الأستاذ محمد بن حسن بن يوسف : ( أخطاء شائعة في الترجمة ) منشور على الشبكة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق